هذا الحلو من كييف
جزيرة القرم تنضم الى الدولة الروسية، وتأخذ معها كل الثروات والإمكانات الإقتصادية، وماتحتفظ به من مصانع ومطارات وقواعد عسكرية وأساطيل بحرية، وحتى أسراب الطائرات المقاتلة ومنظومات الدفاع الجوي التي صارت تابعة فعليا لحكومة جمهورية القرم التي وقعت إتفاقية دولة مع جمهورية تترستان، وأعلن برلمانها الإنضمام مبدئيا لروسيا دون النظر في موقف كييف، وتم إعلانها فاقدة للشرعية، وإن يانوكوفيتش هو الرئيس الشرعي الذي لايحق للبرلمان الأوكراني إقالته، ولايكون خارج السلطة إلا بشروط خارج سلطة البرلمان، وهذا الإعلان يأتي من موسكو ومن جمهورية القرم أيضا، ولم يكن بمقدور موسكو سوى أن تستعجل بعض الخطوات، وهي لاتخرج بذلك عن الدائرة التي وضع الغرب نفسه فيها فهو إستعجل أيضا محاولة حصار روسيا من خلال بعض القرارات التي تدعم سلطة الإنقلابيين في كييف جعلت من المنطقة بأكملها على شفا الحرب الأهلية التي وصف وزير الخارجية سيرجي لافرورف موقف بلاده منها بقوله، إن موسكو لن تسمح بحمام دم في أوكرانيا. وهي إشارة لما يمكن أن يحدث لو إن روسيا تركت الإنقلابيين يسرحون ويمرحون ويتحركون نحو الجنوب والشرق الأوكراني الذي يقطنه شعب القرم ذات الأغلبية الروسية.
ذلك من شأنه أن يدعم سلطة الإنقلابيين الذين قدموا طلبا للإنضمام الى حلف الناتو ! وهو ماتتمناه القوى الغربية التي تحلم بالوجود على الحدود الروسية لتضع بطاريات صواريخها على تلك الحدود ليس بعيدا عن العاصمة موسكو، وهذا مايفسر الغضب الأمريكي الأوربي وسلسلة القرارات العقابية التي تزمع دول الإتحاد الأوربي وواشنطن فرضها على مسؤولين روس ضالعين في الأحداث الأخيرة في شبه جزيرة القرم، ومع قرار الدوما الروسي احترام نتائج الإستفتاء المزمع منتصف مارس الحالي الذي ترى كييف إنه بداية لتقسيم أوكرانيا وإشعالا للحرب ونهاية للإستقرار، لكن الروس في القرم وبقية روسيا يرون فيه حدثا تاريخيا لن يتركوا مناسبته تفوتهم ليؤكد فصل الجزيرة عن بقية أوكرانيا الساعية للإندماج مع الغرب.
الخشية التي تتصاعد في روسيا وبقية أوكرانيا، وتثير قلقا متزايدا تتمثل بجنوح جماعات سياسية وعسكرية الى الصدام وهو ماقد يتسبب بحرب أهلية شاملة تضطر معها موسكو لتعزيز فصل القرم ومنحه الشرعية من خلال مجلس الدوما، وهذا يصعب مهمة كييف حيث لاتمتلك الموارد الكافية، ولا القدرات العسكرية لمواجهة القوة الروسية الجبارة التي أحكمت بالفعل السيطرة على كافة مؤسسات القرم وحاصرت القواعد الجوية والمنشآت الحيوية وإستولت على قطع حربية وطائرات اوكرانية مايعني إنها ستكون في مهب العاصفة الإقتصادية التي لن يكون بمقدور الغرب منع تأثيرها القاتل على الإقتصاد الأوكراني الذي يحتاج الى 35 مليار دولار لتجاوز الأزمة، بينما تعاني أوربا من ضائقة مالية خانقة وهو الأمر الذي تعيشه أمريكا أيضا وتعانيه.
الحرب الأهلية قد تدفع بالأوكرانيين الى الهجرة واللجوء الى بلدان مختلفة من العالم، وإذا لم تندلع الحرب فإن الإقتصاد المتهالك سيدفع بالمزيد منهم للإنتقال الى بعض الدول بحثا عن العمل والمال والإستقرار . وقد نقول واثقين ونحن ننظر الى بعض الأوكرانيات .. هذا الحلو من كييف.