في النعيمة .. الموتى يدفنون "في منازلهم " !
المدينة نيوز - لا يجد أهالي بلدة النعيمة مفرا من استخدام أجزاء من باحات منازلهم لدفن موتاهم بعد أن ضاقت مقبرة البلدة، وفق مواطنين، فيما يؤكد مدير منطقة النعيمة غالب الصمادي أن "المقبرة استوفت طاقتها الاستيعابية ما جعل البحث عن قطعة أرض أخرى على قائمة الأولويات الملحة".
الصمادي يؤكد أن "مطالبات أهالي البلدة بضرورة إيجاد مقبرة تعود إلى حوالي 6 سنوات"، لافتا إلى أن" البلدية استملكت حينها قطعة أرض غرب البلدة"، ويستدرك ان اعتراضات الاهالي حالت دون استكمال إجراءات إنشائها.
ويقول إن "البلدية أخذت بأسباب الاعتراض والتي تتصل بالموقع حيث وجدنا بأن الموقع غير مناسب لان الارض كانت في منطقة مسيل وادٍ".
والمطالبات، وفق الصمادي، ما تزال متجددة رغم أن البلدية استملكت في السنوات الأخيرة قطعة أرض مساحتها 23 دونما، وسجلت 11 دونما منها لوزارة الأوقاف للسير في إجراءات إنشاء المقبرة، إلا أن اعتراضات من السكان حالت مجددا دون إنشائها.
سمير الخلايلة، أحد سكان البلدة، يرى أن "موقع المقبرة غير مناسب"، محيلا ذلك إلى أنه "يقع على مدخل البلدة ويجاور الملعب البلدي"، مضيفا إلى ذلك أن طبيعة الأرض "غير صالحة للاستخدام كونها طينية"، وهو ما أكده الصمادي الذي أشار إلى أن "اجتماعات عقدت أخيرا مع أهالي البلدة ولم يتقدم أحد منهم بعرض قطعة أرض مناسبة للبيع".
من جانبه، يبين يوسف الخصاونة، أحد سكان النعيمة أن "البلدية منذ سنوات تتوانى عن استملاك أراض عرضت من قبل مواطنين، وبأسعار مناسبة وقوبلت بالرفض رغم أن السعر كان مناسبا"، داعيا إلى "الإسراع بإيجاد أخرى بعد أن أصبح إيجاد مكان لدفن الموتى هما يؤرق السكان".
ويشير إلى أن "خيارات أبناء البلدة أصبحت منحصرة إما في دفن موتاهم داخل باحات منازلهم، أو في مقابر تقع خارج حدود البلدة"، لافتا إلى "المعاناة التي تعتصر قلوب ذوي الموتى لحظة انتظارهم ساعات حتى يتسنى لهم ايجاد بضعة أمتار في المقبرة".
ولفت إلى أن "حوالي 5 وفيات تسجل أسبوعيا في البلدة"، الأمر الذي يستدعي الإسراع بإيجاد أخرى، فيما يقول الصمادي إن "ساحات المقبرة لن تكون قادرة على استقبال المزيد من الموتى في مدة تقل عن سنة".
كذلك يستأنف أهالي بلدة الحصن دفن موتاهم في مقبرة تل الحصن رغم عدم توفر المساحات الفارغة، ما يسفر عن تعدٍ على المساحة التي اعتبرتها دائرة الآثار العامة ضمن الموقع الأثري، وفق رئيس فريق التنقيب عن الآثار في التل الدكتور زيدون المحيسن.
يقول المحيسن إن "هناك قرارات صادرة عن بلدية إربد ووزارة الداخلية ينبغي بموجبها وقف الدفن في مقبرة التل لاعتبارات تتصل بعدم التوسع على حساب المنطقة الاثرية التي تجرى فيها أعمال التنقيب".
فيما يؤكد رئيس بلدية اربد عبد الرؤوف التل "أنه ما تزال هناك مساحات فارغة تصلح للدفن"، بينما يؤكد المحسين أن "منطقة التل الواقعة على مساحة 90 دونما ملك للدولة، استغل منها جزء كمقبرة وهو أمر مخالف للقانون لان الموقع متخم بالآثار التي تعود لحوالي 4 آلاف عام قبل الميلاد".
ويضيف أن "حضارات تعاقبت على موقع التل تعود للعصر البرونزي والحديدي والفترة الفارسية والعصر الهلنستي والروماني والبيزنطي انتهاء بالعصور الاسلامية".
ويؤكد المحيسن أن "جامعة اليرموك تمارس أعمال التنقيب في الموقع من خلال طلبتها المتدربين بموجب تصاريح رسمية من دائرة الاثار العامة منذ عام 2008 دون أن ترتكب أي تعدٍ على حرمة القبور"، مشيرا إلى أن "منطقة العمل مسيجة وبعيدة عن القبور الا ان بعض المواطنين يعتدون على مساحة الموقع الاثري ويدفنون موتاهم هناك".
وفي خضم المفارقة بين توجهات الجانبين تتصاعد وتيرة الاستياء لدى زوار المقبرة الذين لا يجدون مسارات توصلهم الى مقابر موتاهم التي تحيطها الطمم، سيما وأن "دائرة الاثار تعتبر كل ما يستخرج من الارض ملكا لها لا يمكن نقله الى مكان آخر" وفقا للمحيسن.
أم ابراهيم البرجاوي ترتاد المقبرة للترحم على فقيدها، وما ان تهم بدخول حتى عتباتها تشعر بغصة ألم جراء الإهمال الذي تصفه بأنه "انتهاك لحرمة الموتى، فلا مسارات تسلكها للوصول إلى القبر، ولا حراسة مشددة تمنع بعض الغرباء من ارتيادها مخلفين وراءهم زجاجات مشروبات روحية".
وتضيف أم إبراهيم التي لا تتوانى عن تنظيف القبر في كل زيارة إلى "تدني مستوى نظافة المقبرة واكتظاظها بالقبور رغم توفر مساحات واسعة تستغلها الآثار لغايات التنقيب.
ويكشف أبو عماد الفهد، أحد السكان المجاورين للمقبرة جانبا آخر من الانتهاكات التي تقع، موضحا أن "المقبرة تصبح في ساعات الليل مكانا يلتقي فيه مجهولون يرتكبون السلوكيات اللاأخلاقية، وكثيرا ما يتسبب وجودهم بإزعاج للمجاورين يستدعي الاتصال بالشرطة لمطاردتهم".
ويطالب أبو عماد "بضرورة توفير حارس بدوام دائم يحرس المقبرة ويمنع دخول الغرباء وأحيانا قطعان الخراف التي تنتهك بدخولها حرمة الموتى".
من جانبه، أكد التل "وجود حارس يقوم بمهام الإشراف على المقبرة وتأمين الحراسة الآمنة"، مبينا أن البلدية استحدثت مقبرة شرق بلدة الحصن جاهزة للاستخدام".
يذكر أن تل الحصن جاءت تسميته نسبة الى الحصن العسكري الذي يعود الى الفترة الأموية، والذي كشف عن بعض أجزائه في الموسم الأول للتنقيبات الاثرية"، وفقا للمحيسن الذي أشار إلى أن "التنقيبات التي جرت في عامي 2007-2008 كشفت عن وجود قلعة أموية داخلها مسجد أموي صغير استخدم في الفترة العباسية والأيوبية والمملوكية".
ويبين المحيسن أن التنقيبات كشفت عن وجود خان تركي أعلى التل يعود للفترة البيزنطية والرومانية وتم العثور على مدفن كبير على بعد 200 متر من التل يعود للعصر البرونزي وبداية العصر الحديدي.