درويش من الحب القاسي إلى الاختطاف

تم نشره الإثنين 17 آذار / مارس 2014 12:49 صباحاً
درويش من الحب القاسي إلى الاختطاف
خيري منصور

هناك من يحتفلون بيوم الميلاد مقابل آخرين يحتفلون بيوم الرحيل، ورغم الدلالات المختلفة لهذين الموعدين إلا أن أحداً من المحتفلين لا يقدم أسبابه، حدث هذا مراراً بالنسبة للزعيم عبدالناصر، ويحدث الآن، للشاعر الباقي محمود درويش فهو ولد في منتصف آذار الذي طالما أحبه وعشق التردد الذي يأتي في أواخره ورحل محمود العام 2008 وما بين التاريخين رحلة عمر قطعها محمود شعراً، ورغم كل ما سمعناه من درويش وما كتبه عن الموت الذي درَّب نفسه على لقائه وجهاً لوجه فإنه كان يخاف مما يعقب الموت وليس من الموت ذاته، لمعرفته ان الموتى عاجزون عن الدفاع عن أنفسهم ضد الادعاءات وصداقة الطرف الواحد وإعادة الإنتاج وفقاً للرغائب.

ما خشيه محمود حدث بالفعل، بدءاً من الاختطاف حتى اعادة الانتاج، فقد ادَّعاه من ادَّعاه، وثمة من عانقه لكن بعد الموت وكان عناق قنافذ!

ولو عاد حيا ولو لدقيقة واحدة لقلت له ما قاله رامبو لشقيقته ايزابيلا عندما شعر أن الموت سيحرمه من حق الدفاع عن الذات وتبرئة السيرة الذاتية من كل ما سيعلق بها من شوائب وغبار!

ما أشبه اصدقاء محمود الحقيقيين والذين اعترف بصداقتهم حباً بكورديليا الابنة الصغرى للملك لير في مسرحية شكسبير الشهيرة، فهم الأقل بكاء وصراخاً لأنهم لا يحتاجون الى «مسرحة» عواطفهم كما أنهم يعفون عن اية غنيمة تأتي من القبر، لأن ادعياء الصداقة من طرف واحد يشتبكون عادة مع الدود على ما تبقى من أجساد الموتى.

وما كنت أحب أن اكتب عنه في يوم ميلاده لأنني لم أشهده بقدر ما شهدت وشقيت بيوم وداعه.

إن من كتب في صباه الشعري مقالة مشحونة بوعي نادر يطالب فيها النقاد المنافقين بالتوقف عما أسماه الحب القاسي، له الآن حيث يسهر أن يكتب مرة أخرى عن الوداع الأقسى وهو الأدرى منا بمن أحبوه ميتاً بقدر ما كرهوه حياً، وقد قالها هو بعبارة فصيحة لا تقبل المراوغة والتأويل.

لم يكن الاول ولن يكون الاخير الذي يزعم من شاهده عن بعد في أمسية شعرية انه أعد له القهوة في بيته أو يزعم من صافحه أنه يعرف أسرار حياته وعلاقاته وما لا يعرفه الآخرون.

حدث ذلك مع زعماء وحكماء وشعراء على امتداد الأزمنة، لأن الباحثين عن أي اعتراف يرمم نقصانهم يتسولون من الموتى مثل هذا الاعتراف.

وسواء أكان الاحتفاء بالولادة أو الموت فإن من قطع العمر شعراً زاوج بين مهده وتابوته، وأعلن العصيان على التقاويم فعبر الشهادتين معاً شهادة الميلاد وشهادة الوداع.

سطران فقط هما كل ما لدي في هذه المناسبة..

سأحاول أن أنوب عنك في غيابك لتكذيب من ادَّعوك ومن اختطفوك في كتاب يتزامن مع وداعك فإلى اللقاء!

(المصدر: الدستور 2014-03-17)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات