الصينيون والتحالف السعودي المقبل

تم نشره الإثنين 17 آذار / مارس 2014 01:00 صباحاً
الصينيون والتحالف السعودي المقبل
عبد الرحمن الراشد

نحن أمام سنوات صعبة، خمس أو ضعفها، تتطلب تفكيرا مختلفا عما عهدناه في ستة عقود مضت في إدارة العلاقات الإقليمية والدولية، ومن ضمن أهدافها تحقيق الأمن للمنطقة. قد لا يبقى للولايات المتحدة دور كبير، بعد أن كانت اللاعب الرئيس منذ الحرب العالمية الثانية، وأوروبا ستزداد اهتماما وقلقا حيال جيرانها الجنوبيين من دول شمال أفريقيا. الدول الأخرى، مثل الخليجية، قد تضطر إلى خلق تكتلات صغيرة للدفاع عن نفسها، وكذلك نسج تحالفات إضافية مبنية على مصالح كبيرة.

زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد، للصين، تعني اهتماما إضافيا. للسعودية هنا موقع خاص؛ فهي شريك كبير، منها تشتري الصين يوميا أكثر من مليون برميل نفط، ومعها تشترك في ملكية أكبر مصفاة بترولية، وتبقى السعودية مرجعا روحيا للأقلية المسلمة الصينية. حضرت هذه الزيارة، وكنت شاهدا من قبل على الانفتاح السعودي السياسي على الصين، عندما اختارها الملك عبد الله بن عبد العزيز من أولى الدول التي يزورها بعد توليه الحكم، قرر أن ينهي زمنا طويلا من القطيعة.

المشكلة أن الصينيين لا يحبون السياسة كثيرا، فكيف يمكن أن يعتمد على هذا التنين النائم في حماية مصالحه؟ من المحتم أن الدول التي ستواجه السنوات القليلة المقبلة تحديات جديدة، مثل غياب شرطي المنطقة، ستضطر لحماية مصالحها. ثانيا، دول كبرى، كالصين وأوروبا، تعرف أن العلاقة مع الدول الأكثر استقرارا هي ضمانة لها أفضل من دول مضطربة، أو من دول أنظمتها نهجها المغامرة مثل إيران. الإشارات من الصين كثيرة برغبتها في توسيع دائرة مصالحها الاستراتيجية وليس فقط مشترياتها المؤقتة، النفط والاستثمارات الكبيرة تعبر عن علاقة طويلة المدى.

الوفد السعودي الكبير الذي ينهي زيارته اليوم، يريد توسيع العلاقة مع الصينيين، والذي يمكن أن يحقق التوازن المستقبلي من حيث مشتريات النفط، في وقت تقول فيه الولايات المتحدة إنها قادرة على التوقف نهائيا عن شراء بترول الخليج، مكتفية ببترولها الصخري. والصين نفسها في حالة انتقال تشابه دولا مثل السعودية؛ انتقال تدريجي، وإن بدا بطيئا.

على الرغم من 20 عاما مرت على رحلتي الأولى للصين، تبقى بلدا مثيرا غامضا. تقريبا كل شيء تغير في بكين؛ في المرة الأولى كانت كل شوارعها الفسيحة مكتظة بالدراجات العادية، عشرات الآلاف والقليل جدا من السيارات. وكانت تغمر المدينة سحابة مظلمة من الدخان المنبعث عن الفحم الذي كان يُستخدم للتدفئة، اختلفت الملابس والشوارع والنظرة الخارجية للعالم. تبدلت الصين والصينيون والآيديولوجيا، لكن لم يتبدل نظام الحكم، هو الذي قام بالثورة المضادة، وحاول الانتقال التدريجي متحاشيا الفوضى والاضطراب. وهكذا بلغت الصين مرحلة جعلتها من أثرى اقتصادات العالم وأقواها. وهي في حالة تريد أسواقا وتحالفات.

وهذا لا يعني بالضرورة أن الصين ستحل محل أميركا، لكنها ستكون لاعبا مهما، وهي تختلف في فلسفتها وممارستها عن روسيا التي أظهرت وجها قبيحا في كل مكان تدخلت فيه.

(المصدر: الشرق الاوسط 2014-03-17)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات