الفساد الحقيقي والافتراضي

تم نشره الأربعاء 19 آذار / مارس 2014 01:01 صباحاً
الفساد الحقيقي والافتراضي
د. فهد الفانك

تواجهنا مشكلة عويصة اسمها الفساد ، سواء كان حقيقياً ام مفترضاً. ومنذ بدء الربيع العربي ذهب خوف المواطنين من السلطات ، وأصبح الاتهام سهلاً وقليل الكلفة ، ووصلت الأمور إلى حد تشويه صورة البلد ودمغها ظلماً بالفساد.

سهولة إطلاق التهمة لم تؤثر على الفاسدين بقدر ما أثرت على الأبرياء من الموظفين والمدراء والمسؤولين في القطاعين العام والخاص الذين أصبحوا يترددون في اتخاذ أي قرار إتقاء لتهمة الفساد.

المشكلة أنك لا تستطيع المطالبة بتحريم الإتهام غير المدعوم بالدليل أو تجريمه لأن ذلك سيفسر بأن المقصود به حماية الفاسدين وردع المواطنين من إطلاق صفارات الإنذار إذا لم يكن بين أيديهم أدلة قاطعة على ما يقولون.

والمشكلة أيضاً أن بعض التهم صحيحة ، فالفساد موجود ولو بنسبة ُعشر الإتهامات ، فكيف يمكن التمييز بين الحالتين ، وكيف يمكن منع استخدام التهمة من قبيل النكاية ، حيث تقول دائرة مكافحة الفساد أن النسبة الكبرى من شكاوى الفساد التي ترد إلى الدائرة ، ويتم التحقيق فيها ، يتضح أنها تقع في باب الإفتراء. (الدائرة لا تحيل المفترين إلى القضاء).

الأردنيون ليسوا وحدهم الذين يطلقون تهمة الفساد جزافاً بتوسع ودون عناية ، فقد أجرى الاتحاد الأوروبي استطلاعأً للرأي بسؤال المواطنين عما إذا كانوا يعتقدون أن الفساد منتشر في بلادهم بشكل واسع فأجاب بنعم 99%من اليونانيين ، 97% من الإيطاليين ، 64% من الإنجليز ، 29% من الفنلنديين ، و20% من الدنمركيين (مجلة تايم عدد 17/2/2014).

ليس هناك شك في أن هذا التصور للفساد في الدول الأوروبية مبالغ فيه ، ويعود في العادة إلى الإحباط والوضع الاقتصادي السيىء الذي يجد المواطن نفسه فيه فيحاول أن يقنع نفسه ويقنع الآخرين بأنه ضحية الفساد ، وأن معظم الناجحين فاسدون ، وإن كل الأغنياء لصوص وهكذا.

لم يجر استطلاع مشابه للرأي العام في الأردن ، ولو أجري لكانت النتائج مريعة ، لكن المأمول أن يكون المواطن الأردني قد شبع من إطلاق الاتهامات العامة التي لا تميز بين الفاسد والشريف ، وأن يقف بعد الآن بصلابه في وجه الفساد الحقيقي ، المشفوع بالادلة القاطعة أو الظرفية ، وليس الانطباعات أوالرغبة في اغتيال الشخصية.

(المصدر: الراي 2014-03-19)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات