هكذا نجعل للأم عيداً

احتفل الناس كعادتهم في 21 آذار من كل عام بما يسمونه عيد الأم، واستغربت كثيرا من تلك الإحتفالات في مضمونها وسببها من ناحية وفي طريقة تعبير الناس عن فرحتهم بهذا اليوم من ناحية أخرى.

فوسائل الإعلام على اختلاف أنواعها انقلبت رأسا على عقب في الترويج لهذا اليوم وكذلك وسائل التواصل الإجتماعي والصحف والمجلات ودبت الحياة في الأسواق من جديد، وغصت الشوارع بالسيارات وكأننا في أيام عيد الفطر أو عيد الأضحى المباركين.

فلماذا كل هذه الضجة الإعلامية؟ ولماذا هذه الحملة الهائلة في الترويج لهذا اليوم؟ ومن الذي يقف وراء هذه الحملات ويدعمها؟ ماذا لو استعملنا هذه الحملة الترويجية في تعريف الناس بالأماكن السياحية في الأردن؟ او بالأزمات الإقتصادية التي يعانيها وطننا الحبيب؟ كم سيكون تأثير هذه الحملة كبيرا لو كان موضوعه الترشيد في إستخدام الطاقة أو المياه التي نعاني من نقصانها.

ان فكرة الإحتفال بعيد الأم هي فكرة غربية غازية بإمتياز ولا تمت لديننا وتراثنا وعاداتنا بشيء، فبالنسبة لنا نحن العرب والمسلمين نحن نقدر أمنا مع إشراق كل شمس ومع كل صباح وفي كل مساء، ولا ننتظر يوما معينا لكي نحتفل بأمنا ونقدم لها الهدايا.

وبالحديث عن الهدايا ... ما هي الهدايا التي قدمها الناس لأمهاتهم في هذا اليوم؟ فأحدهم أختار باقة من الزهور التي سرعان ما تذبل وتجد نفسها في سلة المهملات، والبعض أختار هاتف حديث وغيره وجد في "طنجرة" هدية مثالية ليذكر أمه بلذة طعامها وحلاوة المأكولات التي تقدمها. فهل أصبحنا اليوم أمة "الطناجر" ؟ وهل نحن بحاجة الى المزيد منها؟ أعتقد أن "الطناجر" الموجودة في مجتمعنا تكفينا ولسنا بحاجة الى جديد منها.

عزيزي الطالب: إن أجمل ما تهديه لأمك في مثل هذا اليوم هو شهادة تفوقك في دراستك كمكافأة لها على المجهود الكبير الذي بذلته معك خلال دراستك، وثمرة لتعبها وسهرها الى جانبك خلال أيام إمتحاناتك.

عزيزي الموظف: إن خير ما تقدمه لأمك في يومها المزعوم هذا هو شهادة تميزك وإخلاصك في عملك، وفي خير قدمته لوطنك وأمتك، وفي تطوير أضفته الى شركتك ومؤسستك.

وأنت عزيزي الأب: ان أفضل ما تقدمه لأمك في مثل هذا اليوم هو أحفاد بارون بأمهم وجدتهم، أطفال ربتهم على الفضيلة والعادات الحسنة وعلمتهم كيفية تقدير الآخرين وإحترامهم، وشجعتهم على بر والدتهم وجدتهم.

وأنت سيدتي الأم، فأرجو أن تقبلي إعتذاري فلقد ظلموك عندما جعلوا لك يوما واحدا في العام من أجل تقديرك وإجلالك، فأنت المربية التي ربت فأحسنت التربية وعلمت فأجادت التعليم وتعبت وسهرت وكدت وعملت ولا يكفيك العمر كله للإحتفال بك وتقديرك.

ولتأكيد مكانة الأم في الاسلام أوصي النبي بها ثلاثا وأوصي بالأب مرة واحدة حينما سأل أحد الصحابة: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك؟، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال أمك، قال ثم من ؟ قال: أبوك وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "الزم قدميها فِثم الجنة" وليس من خلال قبلة تضعها على رأسها في يوم واحد خلال العام. ولتقدير الاسلام للأم أيضا بشر النبي صلي الله عليه وسلم تلك التي تعكف علي تربية اليتامي بأزنها تسابقه في الدخول الي الجنة جزاء ما صبرت علي تربية صغارها.

ان ما نحتاجه اليوم في علاقتنا بأمنا هو بر حقيقي يومي ولحظي يأتي على كل تصرفتنا تجاه أمنا ويؤدب طريقة حديثنا معها ويجبرنا على سماع كلامها وطاعتها في كل صغيرة وكبيرة وليس تقدير في يوم واحد.