محميّة آدمية!!

تم نشره الإثنين 24 آذار / مارس 2014 12:35 صباحاً
محميّة آدمية!!
خيري منصور

لم يعد بعيداً ذلك اليوم الذي يُطالب فيه من تبقوا على قيد آدميتهم بمحميات للحفاظ على الانسان المعرض للانقراض، رغم ان مفهوم الانقراض ليس حكراً على طيور وحيوانات من سلالات أصبحت نادرة.

فالانقراض قد يكون معنوياً وثقافيا وأخلاقياً، وقد سبقنا أسلافنا الى اطلاق صفة آدمي على نمط من البشر استحق هذا الوصف، وكأن هناك كائنات توقفت عن النمو عند الحيوان الثديي، لأنها مسيرة بالغرائز، وبما يسمى الزواحفية في الدماغ.

وحين كنا نسمع عن شخص ما بأنه آدمي أو عن عائلة بأنهم أوادم لم يكن يخطر ببالنا أن المقصود بذلك اقامة فاصل بين من يستحقون هذا الوصف ومن لا يستحقونه، فمن يعيشون ليأكلوا ليسوا أوادم على الاطلاق، لأن المشترك الغريزي بينهم وبين سائر الحيوان لا يترك مجالاً لأي استثناء.

محمية الأوادم بلغة أجدادنا قد تكون آخر المخيمات، وهي الأولى والأجدر بالرعاية، لان انقراضها يعني ان كل المحميات الاخرى ستصبح في خبر كان!

ولا أظن أن منظر نهاية التاريخ والانسان الأخير فوكوياما كان يعني شيئا كهذا، لأن ثقافته والمحيط الذي يسبح فيه لا يتيح له مثل هذه الرؤى، التي لا تنسجم مع البرغماتية وتحويل الانسان الى رقم أصم أو مجرد استمارة.

واذا كان هناك مفاهيم كلاسيكية أصبحت بحاجة الى اعادة تعريف كالفقر والحاجة والحرب والسلام، فان مفهوم الانسان أيضاً بحاجة الى اعادة نظر، فهو ليس الضاحك أو الناطق أو الباكي فقط، بل هو الكائن الخجول الذي يعرف الندم ويعترف بالخطأ، ويضع نفسه في مواقع الآخرين أو في احذيتهم كما يقول مثل انجليزي ليموت قبل أن يموت، لأنه يمتاز بخيال يتيح له ذلك بعكس الكائنات التي تموت فقط لحظة أن تموت!

محمية الأوادم قد تضمن استمرار السلالة المعرضة للانقراض، وقد يبدو هذا اقرب الى ما يسميه الفيلسوف نيتشه السوبرمان، لكن ما نعنيه يعكس هذه المزاعم الشوفينية، فالمطلوب الآن لضمان استمرار منظومة القيم وجعل هذا الكوكب المحتل صالحا للاقامة البشرية هو ثورة تربوية شاملة وجذرية، تنقذ الناس من المصائد التي وقعوا فيها حين أصبحت الغايات تبرر الوسائل، والشاطر هو من يعرف من أين تؤكل الأكتاف.

إنّ مثلا واحداً سمعته ذات يوم هو اذا جاء الطوفان ضع ابنك تحتك كي تطفو، يكفي لان ندعو وبقوة الى انشاء محميات آدمية، ذلك لان الحيوان لا يفعل ذلك، بل يفتدي أبناءه بنفسه ويكفي ان نشاهد حماراً واقفاً في الشمس وقد تهرّأ جلده من قسوة حرارتها ليحمي ابنه ويصنع له بجسده ظلاً كي نعيد النظر بما انتهى إليه هذا التاريخ الغاشم.

(الدستور 2014-03-24)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات