نصيحة إلى الأخ الرفيق

تم نشره الإثنين 24 آذار / مارس 2014 12:41 صباحاً
نصيحة إلى الأخ الرفيق
سمير عطا الله

أهم القواعد التي تقوم عليها الدول المعروفة بالديمقراطية هي قاعدة المحاسبة، أو المساءلة. إذا بلغت البطالة نسبة لا تحتمل، استقالت الحكومة. إذا ارتفع سعر الحليب أو المازوت في الموازنة، تجمعت الصحافة وقام المعارضون. في المقابل هناك الدول المصفقة، وهذه لا تعني فيها البطالة أو الكفاية أو المجاعة شيئا لأحد. هذه فيها برلمانات تحمل اسم الشعب، لكن مهمتها الوحيدة التصفيق للسيد الرئيس، إذا ما قرر ذات يوم زيارتها لصورة تذكارية يعم فيها الابتسام. صدام حسين لم يكن يتنازل إلى ذلك، فقد كان يلتقي الشعب مباشرة من على شرفة عالية، وخلفه ولداه، وفي نهاية اللقاء يطلق النار من بندقية، لكن في الهواء.

معمر القذافي ألغى شيئين لا ضرورة لهما: الموازنة والبرلمان، وذلك لأن الشعب كان هو الحاكم المباشر من خلال اللجان وأمناء اللجان. ورجاء، رجاء، رجاء لا تنس الأمانات والأمناء.

في الأنظمة المصفقة لا يؤتى على ذكر تفاصيل العيش والحياة. فقط البطولات. لا وقت لإضاعته في قضايا مثل الرغيف والأرز والطبابة والنقل والتقاعد والشيخوخة. لذلك، فإن مطلب الناس الوحيد والدعاء الدائم هو الستر للناس، والروح والدم للزعيم. دائما كانت الأنظمة العربية تعرض قضايا كبرى من نوع الوحدة الشاملة، أو تحرير فلسطين (من النهر إلى البحر)، أو دحر الإمبريالية. هل سمعت زعيما يتحدث مرة عن القضايا الصغيرة كالطبابة والتعليم والقمح والمياه؟

الاتحاد السوفياتي سبق الغرب إلى الفضاء. أرسل كلبة اسمها لايكا إلى مدار الأرض وترك الغرب يرتعد والرفاق يصفقون. خاض الغرب المعركة على الأرض: بطاطا وقمح وثلاجات وسيارات بالتقسيط وسينما وتلفزيون وبيتلز (بدل النشيد الأممي). وعندما انتبه السوفيات إلى اللعبة كان الاتحاد صرحا وهوى.

الأخ الرفيق فلاديمير فلاديميروفيتش ما تعلم الدرس ولا حفظ الأمثولة. لغته من الماضي، وأسلوبه من الماضي، وعرض كتفيه من أيام الحمامات التركية. يريد استعادة الدولة الكبرى بأفكار صغيرة. يدجج نفسه ببرلمان مصفق وينظر إلى الوراء. ونحن مستعدون لإعارته أغنية «أمجاد يا عرب أمجاد». لكن من يكتفي بالغناء يكتشف أن 1967 دمرت النفس العربية إلى ألف عام. وأن «داعش» و«حالش» و«مالش» ليست سوى تداعيات ذلك الضياع الرهيب. ينصح الرفيق الأخ بوتين بقراءة ملفات الكرملين. ينصح بدراسة ملف ليونيد بريجنيف. ينصح بالتنبه إلى أن الغرب يلهيه في القرم. ويصفق له بيد واحدة.

(الشرق الاوسط 2014-03-24)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات