العبث بضريبة الدخل

قوانين ضريبة الدخل ليست وثائق بسيطة يستطيع من يشاء أن يعدلها كما يخطر بباله. صياغة القانون تكون على أيدي متخصصين ، يأخذون بتجارب الدول الأخرى ، والخبرات المتراكمة لدى منفذي القانون محلياً ، الذين يعرفون بالممارسة نقاط القوة والضعف ، بل إن الحكومة قد تستعين بمؤسسات دولية متخصصة للمساعدة في صياغة القانون الذي يناسب الخصوصية الأردنية من جهة ويلبي المتطلبات المتعارف عليها عالمياً من جهة أخرى.
قانون ضريبة الدخل أداة من أدوات تشجيع أو تثبيط الاستثمار وإعادة توزيع الدخل باتجاه العدالة الاجتماعية ، فضلاً عن كونه مصدراً رئيسياً للإيرادات في الموازنة العامة يؤمن جانباً هامأً من مصادر الأموال.
مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد وصل إلى اللجنة المالية لمجلس النواب التي قد لا تتوفر لأعضائها كل الشروط والمؤهلات والخبرات المحلية والدولية ، ومع ذلك فإنها تسمح لنفسها بتغيير الأسس التي يقوم عليها القانون بحيث نعود إلى الوراء.
ما تريده اللجنة ، إلى جانب تخفيض الإعفاء العائلي من 24 إلى 18 ألف دينار ، هو العودة إلى نصوص قوانين ضريبة الدخل القديمة والشديدة التعقيد ، حيث تتعـدد الإعفاءات والتنزيلات ، ويتوقف حساب الضريبة على عدد أفراد الأسرة ، وأجرة مسكنها ، وكلفة تعليم أولادها ، وقسط الإسكان وفوائد القرض ، وقسـط التأمين الصحي وغير ذلك ، مع أن مشروع القانون يهدف إلى تبسيط الحساب ، ويحاول تعويض المكلف عن معظم هذه الإعفاءات المتفرقة بإعفاء واحد يصل إلى 24 ألف دينار سنوياً يجب أن تغطي كل العناصر التي تختلف من مكلف إلى آخر ، وتفتح الباب للتهرب الضريبي ، ولم يبق سوى اقتراح منح إعفاءات مقابل نفقات الماء والكهرباء والتدفئة والأدوية والمواد الغذائية والملابس وبنزين السيارة وغيرها.
العبث بالقوانين المالية ذات الصفة الفنية والتخصصية يجعلنا نترحم على أيام القوانين المؤقتة التي كانت تصدر في غياب مجلس النواب.
مشروع قانون ضريبة الدخل ومشروع قانون الاستثمار المقدمان إلى البرلمان يشكلان جزءاً من برنامج الإصلاح الاقتصادي المعمول به. وكل عبث فيهما يلحق ضررأً فادحأً بعملية الإصلاح المالي التي يراقبها عن كثب المانحون والدائنون ، فضلاً عن المؤسسات الدولية ذات العلاقة.
(الراي 2014-03-27)