فيصل عاكف الفايز يكتب : وحـدات وفـيصـلـي

تم نشره الأحد 30 آذار / مارس 2014 02:09 صباحاً
فيصل عاكف الفايز يكتب : وحـدات وفـيصـلـي

المدينة نيوز - كتب فيصل عاكف الفايز مقالا نشرته صحيفة الدستور وتاليا نصه : 

ما دفعني إلى كتابة هذا المقال، هي تلك الأحداث السيئة والمؤسفة التي وقعت خلال مباراة كرة القدم، بين فريقي الفيصلي والوحدات، والتي لم يَعد من المقبول السكوت عنها، وعن جملة الظواهر المشينة التى رافقتها، والتداعيات التي خلفتها، خاصة وأن المباراة أصبحت حديث المجالس والبيوت، والكلّ يطالب بحلول ناجعة ورادعة، تحول دون تكرار ما يحدث دائماً في هذه المباراة. وكما يعرف الجميع، فإنّ المفهوم العام للرياضة، هو العمل على التقريب بين أفراد المجتمع الواحد، وبين الشعوب المختلفة الأجناس والأديان، من خلال دعوتها إلى تبني المنافسة الشريفة، وبناء الأخلاق الحميدة، والسمو بالنفس، وغرس القيم النبيلة الخلاقة والمبدعة والبنّاءة، لكن هل ما رافق مباراة الفريقين الأخيرة، بل في أغلب المباريات التى تجمعهما، يُعبّرُ عن هذه القيم وهذا المفهوم؟ بالطبع لا، وهذا الشعور لمسته عند الجميع ممن التقيتهم.

لقد أصبحت مباريات الناديين عنوانا للفتنة، ومسرحاً لتغذية الكراهية، ومدخلاً يحاول البعض من خلاله هدم نسيجنا الوطني، والعبث بوحدتنا الوطنية، والإساءة لرموزنا الوطنية، ويسعى البعض أيضاً من جمهور الفريقين إلى نفث سمومه الكريهة، المُتمثّلة بالإقليمية البغيضة، والتلاعب بعواطف شبابنا، ولا ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل تخترق سمعك الألفاظ والكلمات النابية البذيئة والقذرة، التى تأبى الأذن النظيفة أن تسمعها، ويأبى الإنسان الشريف أن يتفوّه بها، ناهيكم عن اليافطات المسيئة التى تُرفع، والعبارات التي تطلق، وتمسّ الشعور الوطني والديني، وكلّ هذا الحُمق والجنون يمارس دون قصاص رادع، ودون اتخاذ خطوات عملية تمنع تكراره.

هل من المعقول، وفي ظلّ هذه الحالة المرفوضة رياضياً وشعبياً ومجتمعياً، أن تبقى الأحداث التي تُرافق مباريات الناديين، تمرّ دون محاسبة حقيقية؟ وإلى متى يبقى نفر قليل من الطرفين يعبث بوحدتنا الوطنية؟ وهل السكوت على الهتافات العنصرية، والإشارات البذيئة أصبح فضيلة؟ ألا تستحق مشاعر الغضب التي عبّر عنها الأردنيون جميعاً، حيال ما جرى في المباراة، وقفةً جادة وإجراءات حقيقية، تقطع يدَ كلّ من يعبث بأمننا واستقرارنا ووحدتنا؟.

ولنتذكّر معاً أحداث الشغب التي وقعت بين الناديين، أواخر عام 2010 التي أصيب بها عدد من المواطنين، وشكّلت الحكومة آنذاك لجنة تحقيق؛ للوقوف على حقيقة ما جرى، لكننا لم نسمع حتى اللحظة شيئاً عن النتائج التي توصلت إليها اللجنة، لذلك لا نريد لجان تحقيق «منزوعة الدسم»، فالذي نريده إجراءات عملية على الأرض، تشكّل رادعاً قوياً لكل العابثين والمتطاولين على الوطن ووحدته، وتحول دون أن تصبح ملاعبنا «أوكار فتنة»، فلا يجوز لنا أن ننسى أو نتناسى أن الأردن دولة قانون، وأن جميعنا حريصون على أمنه واستقراره، ووحدتنا الوطنية خط أحمر، يجب أن تُقطع يَدُ من يعبث أو يتلاعب بها.

وفي الوقت الذي نتحدّث فيه عن حفنة قليلة اندسّت بين صفوف الفريقين، أقل ما يمكن وصفها بأنها حفنة خارجة عن «المِلّة»، فقد أسفنا أيضاً لقيام البعض بالإساءة لوحدتنا الوطنية، فالأصل بمثل هذه الأحداث أن يكون الجميع مسؤولاً.

إنّ ما حدث لا يُعبّر عن الخُلق الأردني، وهي أحداث غريبة عن مكونات الوطن الواحد الجامع، وعلينا جميعاً أن نعتبره حدثا معزولاً عن السياق الوطني، وأن ينظر الجميع إليه بوصفه فعلاً غريباً ليس من شيم الأردنيين، الحريصين على صورة الأردن المستقر الآمن، والأنموذج في التكاتف ووحدة الصف والانسجام، وذلك انطلاقا من قناعتنا الراسخة، التى تؤمن على الدوام، بأنّ العبث بالوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية، لا يخدم إلاّ أعداء الوطن، ويعطيهم أرضية خصبة للإساءة إلينا، ولِنقَل أمراضهم وأزماتهم لوطننا، لمعرفتهم بأن الأوطان التي تعاني جبهتها الداخلية من فوضى، يسهل اختراقها والعبث بنسيجها.

إنّ معالجة أحداث الشغب هذه، أو ظاهرة شغب الملاعب بشكل عام، أمرٌ في غاية الأهمية والضرورة، ولا يكون العلاج فقط بالدعوة إلى إيقاف الناديين عن اللعب، أو حرمان جمهورهما من حضور أية مباراة تجمعهما، إنما المطلوب وقفة جادة وشجاعة، تُجبر الأندية الرياضية على حثّ مشجعيها على الالتزام بالروح الرياضية.

ولعلاج الظاهرة فإن المطلوب أيضاً دعم الأندية الرياضية، وتوفير الإمكانيات لها لتمكينها من إنتاج أجيال من المبدعين والمحترفين، وأن ترقى بوعي الأجيال وتفكيرها إلى المستوى الوطني الجامع والأعم، بعيداً عن أية أسس بغيضة، وهنا أتساءل: لماذا يُغيّب الشعار الذي يحمله كل نادٍ بأنه (اجتماعي - ثقافي - رياضي)؟ فالأصل أن يفعل العمل الاجتماعي والثقافي كما الرياضي، وعلى الجهات المعنية أن تتحمل مسؤوليتها في هذا الإطار، بحيث تجبر الأندية على تفعيل هذا الشعار، من خلال دفعها لعقد ورش عمل، وندوات للشباب الأردني، تركّز على بناء الشخصية الاجتماعية الإيجابية، وتغرس قيم الانتماء وتعزز المواطنة الحقّة، ولأجل ذلك يجب أن يرتبط الدعم المالي الذي يقدم للأندية، وفق إنجازاتها في المجال الاجتماعي والثقافي، وفي البناء الوطني، وليس في المجال الرياضي فقط.

وهنا أتساءل: من الذي يحقُّ له أن يعتبر نادي الوحدات هو ممثل المكوّن الأردني من أصل فلسطيني؟ ومن الذي منح الحقّ بأن يعتبر نادي الفيصلي ممثلاً للشرق أردنيين؟ وإذا كان الأمر كذلك، ماذا تمثل أندية الرمثا والبقعة وذات راس وغيرها من الأندية الأردنية؟.

إنني كما الأردنيين جميعاً، أعتزُّ بكافة أنديتنا الرياضية من الشمال والوسط والجنوب، وقد كنا جميعاً في الأردن من مختلف أصولنا ومنابتنا، نقف خلف منتخباتنا الوطنية، وكان آخرها وقفتنا الكبيرة كصف واحد خلف منتخبنا الوطني لكرة القدم، عندما خاض التصفيات المؤهلة لكأس العالم في البرازيل، فكنا بذلك مثار إعجاب الجميع، فلم تشهد ساحتنا الوطنية حينها إلا كل ما يُعزز جبهتنا الداخلية ووحدتنا الوطنية، وكم كنت فخوراً عندما كان والدي المرحوم عاكف مثقال الفايز رئيسا لنادي الوحدات، فرئاسته للنادي جاءت من إيمانه المُطلق بأن كافة أنديتنا محلّ احترامنا وتمثّلنا جميعاً، وقد كنت وأبنائي نذهب إلى نادي الوحدات، ويلعب أبنائي مع فرقه الرياضية، ولم نشهد حينها مثل هذه الأحداث المؤسفة، وكان التشجيع دائما للعب النظيف، وكان الكل في المدرجات يتغنى بالوطن وحب الوطن وقائده، ويرفع الشعارات المعززة للوحدة الوطنية، كما وأنني أيضا كنت رئيسا لنادي البقعة، وأنا ابن العشيرة الأردنية، انطلاقا من إيماني بالوحدة الوطنية، ولم أشعر يوما أن هناك فرقا بين أردني وأردني، ولم نكن حينها نسمع شعارات تعكّر وحدتنا الوطنية، فلماذا تغيرنا؟ ومن الذي غيّر البعض منا؟ ولماذا نقف جميعا خلف منتخباتنا الوطنية؟ ويختلف بعضنا مع بعض عندما تلعب أنديتنا مع بعضها البعض؟.

إنّ ما جرى من أحداث مؤسفة، يجب أن لا يمرّ هكذا، وما حدث يجب أن نتجاوزه، فالإيمان بالوطن القوي الآمن المستقر، إيمان لا يجوز أن تزعزعه مثل هذه الأحداث المعزولة، فوطننا يجابه تحديات وصعاب جمّة، تفرضها ظروف الإقليم وأخطاره السياسية والأمنية، تستوجب منا جميعاً الوقوف صفاً واحداً، خلف قيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، الذي يصل الليل بالنهار؛ لينهض بالوطن ويعظّم منجزاته، عبر مسيرة الإصلاح والتنمية، ويعمل بجهد موصول لتجنيب الوطن وحمايته من المؤامرات الخارجية، ومخططات من يُعادونه.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات