القرم كما حلم به هتلر

تم نشره الإثنين 31st آذار / مارس 2014 12:32 صباحاً
القرم كما حلم به هتلر
سمير عطا الله

كل ديكتاتور حاول تنفيذ تغيير عرقي ما: إما زرعا أو تطهيرا. أي إما المستوطنات، مثل إسرائيل، أو روسيا السوفياتية، أو بالتطهير مثل سلوبودان ميلوسيفيتش، أو نيكولاي تشاوشيسكو. أكبر عملية تغيير عرقي في التاريخ خطط لها هتلر. أحد مواقعها البارزة كان شبه جزيرة القرم، التي ضمها فلاديمير بوتين في استفتاء شعبي لم يستغرق أكثر من عشرة أيام، بما فيها يوما العطلة الأسبوعية.

مشاريع هتلر كانت أكثر طموحا بكثير. كان ينوي رفع عدد الشعب الألماني إلى 250 مليونا (هو لم يتزوج ولم ينجب). وإذا لم يكن هناك ما يكفي من الذكور الألمان لتأمين هذا العدد، فقد اقترح مساعده الفرد روزنبرغ «ألمنة» المستوطنين الاسكندنافيين والإنجليز والهولنديين من ذوي الأعراق الصافية القريبة من العرق الألماني المتفوق. في سبيل الزيادة المرجوة، تقرر أن يسمح للجنود حاملي الأوسمة بالإنجاب دون زواج ودون أعباء ومسؤوليات الزواج.

في هذا المخطط، تقرر أن تتحول شبه جزيرة القرم إلى «مصح» ضخم للألمان بعد تطهيرها من سكانها السلافيين واليهود، ويعاد إليها اسمها اليوناني القديم «توريا»، على أن يؤتى إليها بالمستوطنين من ألمان جبال التيرول. وكان في مخطط هتلر أن يوزع الألمان على أوكرانيا ومساحات كبرى من روسيا. وكتب يفصل مخططه بالقول: «يجب أن نجرد هذه المنطقة من طابع البوادي الآسيوية وجعلها أوروبية. إن الفلاح الألماني يجب أن يعيش في مستوطنات فائقة الجمال وفي مبان رائعة، بينما يقطن الحكام قصورا جميلة. وحول كل مدينة يقام حزام من القرى.. ولهذا، نحن ننشئ الآن شبكة الطرقات الواسعة من جنوب القرم حتى جبال القوقاز».

كان مقررا أن تحل بلاد الألمان محل بلاد الجميع في روسيا وفرنسا وإيطاليا. وأن تغير أسماء المدن. وأن يعدم بابا الفاتيكان بكامل لباسه الرسمي في الساحة العامة محاطا بجميع طقوسه. لم يقل، أو لم يحدد هتلر، أين يذهب بالسكان الأصليين وأهل البلاد، لكن ذلك كان واضحا من دون قول. موجات من البشر تتحرك كلما أطل ديكتاتور بأحلامه. هكذا حصل ولا يزال يحصل في العراق. وهكذا يحصل في سوريا. وهكذا يحدث في ليبيا. الحياة البشرية لا تعني شيئا. والصور الفوتوغرافية التي تفوز بالجوائز منذ اختراع التصوير، هي صور قوافل البشر سارحة في الأرض، وليس معها سوى بضع طناجر وأحرمة ترد برد العراء والطرقات.

والمشاهد لا تعكر عشاء الديكتاتور، لقد اعتاد عليها، ويسخر من الذين لا يزالون يأبهون لها. فما هي الأعراض وما هي الكرامات وما هو التشرد والجوع والألم والذل والمرض. إنها مجرد مشاهد مزعجة تهم البسطاء والسذج. والعزة للعرب.

(الشرق الاوسط 2014-03-31)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات