استهتار الشباب
حين يصبح الاستهتار عنوان حياة الشباب وأسلوباً يطبع ببصمات قوية مرحلة مهمة يفترض أن تكون قمة في العطاء والإنتاج، تذوب الأحلام والآمال بمستقبل زاهر وتصبح كل خطط النهضة والتنمية قاب قوسين أو أدنى من الانهيار. والغريب أن هذا الاستهتار لم يعد يقتصر على مرحلة الدراسة وما يليها غالباً من سنوات البطالة، بل إنه بدأ يرافق الشباب إلى مرحلة العمل والوظيفة لينعكس على جوانب حياتهم الخاصة والمرتبطة بتكوين الأسرة والاندماج في المجتمع.
حياة خالية من المسؤولية
في البداية تحدث (اختصاصي اجتماعي)، يقول: شبابنا يستهويهم نمط حياة خالية من المسؤولية والجد يطبعها الاستهتار والتفاهة مما يدل على أن تأثير مرحلة من الحياة لا يتوقف عند حد معين، بل ينتقل إلى مراحل أخرى ليسود الحياة برمتها”
وأضاف الباحث “لم يعد غريباً أن ترى المقاهي والشوارع والأسواق مكتظة بالشباب همهم الوحيد التسكع والرقص عند الإشارات المرورية وقراءة المجلات والصحف الهابطة أو قيادة السيارات بجنون وحمق، فيما يحرص آخرون على قضاء ساعات النهار والليل في تتبع القنوات الفضائية وبرامجها الهدامة متنقلين عبر شبكة الإنترنت من موقع لآخر، ويفني الباقون زهرة عمرهم بحجة القضاء على الوقت في المكالمات التليفونية الطويلة أو المراهنة في ألعاب البولينج والبلياردو، ناهيك عن إقامة الحفلات الماجنة مع الشلة ليلاً والنوم نهاراً. وهي كلها طرق خاطئة وأساليب ضارة لا تبررها الحاجة للترفيه والتجديد ولا وقت الفراغ الطويل، لأن إضاعته في غير ما ينفع تعود بالضرر الكبير”.
وتتعدد أسباب ظاهرة استهتار الشباب، حيث تتضافر عوامل اجتماعية وثقافية ونفسية وحتى سياسية مسببة الحيرة والاضطراب والخلل في حياة الشباب وغالباً ما يدرك الأهل طباع أبنائهم الغريبة لكنهم يرجحون اختفاءها بعد اجتياز مرحلة المراهقة والطيش وحين تستمر ثقافة اللعب والتسلية في حياة الشباب يكون الوقت قد فات لإنقاذهم من هذا الضياع.
من المهم إنشاء مراكز متخصصة في مجال الإبداع الفني والعلمي والرياضي لدعم المواهب الشابة وتشجيع النشء على ممارسة الهوايات العلمية واستقطاب البراعم الصغيرة وزرع روح الابتكار العلمي بين الشباب وصقل المواهب المهتمة بالعلوم والتكنولوجيا الحديثة وتشجيع الشباب على الرياضة”
أن تكوين شخصية الشباب بصورة متكاملة من النواحي الاجتماعية والثقافية والمعرفية وذلك عن طريق توفير الأنشطة وتهيئة الوسائل والسبل لشغل أوقات فراغ الشباب بما يفيد ويرفع مستواهم الثقافي والمعرفي، يحد من وجودهم في المقاهي والشوارع والأسواق وباقي الظواهر الخاطئة التي اتخذها الشباب تسلية لهم”
نشر الوعي الثقافي والاجتماعي يعتمد أيضاً على إقامة المحاضرات والندوات لمناقشة مشاكل الشباب العربي بشكل عام والتي قد تختلف في بعض التفاصيل الصغيرة من بلد إلى آخر، لكنها في النهاية تتشابه في الكثير، حيث إن استيعاب الطاقات الهائلة لهذه الشريحة وتجنب انفجارات وانحرافات محتملة داخلها يمحو كلمة “الفراغ” العنوان العريض لحياة الشباب”