تحذير بعد فوات الأوان

تم نشره الثلاثاء 01st نيسان / أبريل 2014 12:49 صباحاً
تحذير بعد فوات الأوان
خيري منصور

قبل اكثر من عقدين عرض فلم سينمائي عربي أثار جدلاً واسعاً بعنوان «احذروا أيها السادة»، وكان عن زبال فرض لغته وثقافته على حيّ بأكمله، وحين اشتبك مع استاذ جامعي انتصر عليه وشرده من شقته المتواضعة، انتقاصاً من قيمة العامل، لكن آخرين ومنهم كاتب هذه السطور رأوا عكس ذلك، فالانحياز للعامل ليس تكريساً لثقافته أو أميّته، بل أعانته على تغيير وعيه ولكي لا يزايد علينا أحد أقسم بالله ان أصابعي هذه التي أكتب بها جرحت ذات ليلة لسبب له علاقة بالزبال، فقد كسرت زجاجة في بيتي وألقيتها على الفور في كيس الزبالة، ثم تذكرت أن العامل الذي سوف ينقلها أو الأطفال وحتى القطط التي سوف تنبش الكيس قد تجرح، وعندما حاولت إخراجها جرحت أصابعي، والانتصار للفقراء ليس من أجل إبقائهم كذلك. وهذا ما قيل دائماً عن إعطاء الفقير شبكة يصطاد بها بدلاً من تقديم سمكة له كل يوم.

أراد السينارست ومخرج الفلم تحذير العرب من تحول سلبي، تطفو فيه على الواقع منظومة مفاهيم وقيم من صميم التخلف ومحاصيله، لكن أحداً لم يسمع التحذير فكانت النتيجة هي تهميش بل تهشيم أستاذ الجامعة والمثقف والمهني النزيه لصالح فئة سلاحها الوحيد هو الفهلوة والغش والاحتيال على الأبرياء.

وكانت النتيجة ايضاً ان العشوائيات افترست المدن وزحفت على التعليم والعادات وأنماط التفكير، ومن له رأي آخر نطالبه بتفسير عدة ظواهر في مقدمتها تفشي الأميّة وارتفاع نسبها كارثياً حتى في البلدان الرائدة في التعليم المجاني، فجيلنا على الأقل درس في جامعات مصر بالمجان، بعد أن لعب طه حسين حين كان وزيراً للتعليم دور البطولة في هذه المسألة حين طالب بأن يكون حق الناس في التعليم مساوياً لحقهم في الماء والهواء، رغم أن المرحوم طه حسين لم يكن يعرف أو يتوقع أن زمناً سوف يأتي يكون فيه الماء أغلى من الدم والهواء باهظ التكلفة.

لم ينتبه السادة ممن شاهدوا ذلك الفلم لهذا فهم الآن يدفعون الثمن، حيث لا تربية ولا تعليم ولا يحزنون, ولا مدن نظيفة خالية من التلوث ولا مرور تضبطه قوانين أو أخلاق.

ورغم القسوة التي حملها فلم «احذروا أيها السادة «الا انه يبدو الآن متواضعاً في نقده ورصده لأحوالنا ولو أعيد إخراجه لأضيف إليه تحذيرات لا آخر لها، لأن مجرد الخروج من البيت لأداء أية مهمة حتى لو كانت احتساء فنجان قهوة لكسر الرتابة أصبح مجازفة، وقد تكون القهوة ملوثة بما يرى ويسمع ويشم!

لكن عنوان ذلك الفلم وهو «انتبهوا أيها السادة «كان يفترض وجود سادة لهذا فلا حياة لمن نادى!.

(الدستور 2014-04-01)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات