أمي سيدة ذكرياتها وملامح زمانها
كلما نظرت بعينيها أتوسد الحب وأغفو بين أهدابها بأمان ,,وكيف لا وهى سيدة الامان والزمان ,كنا نتحاور وكأني أعرفها أول مرة أمي تجيد لغة الحوار الادبي وسرد أحداث الروايات العربيه بالرغم أنها درست (لصف الخامس الابتدائي )فقط ,كانت تعرف ماذا جرى بزقاق المدق ,,واخبرتني كيف كانت رؤية الكاتب بتحت ظلال الزيزفون ,,أبهرتني وهي تسمي لي شخصيات رواية عزازيل هيباتيا وأكتافيا ومرتا ,,تحدثت عن روايات يوسف السباعي ونجيب محفوظ ,,سردت لي حكايه رد قلبي ,,لم أنتبه إلي المسافة التى قطعناها بشوارع وسط البلد ذات مساء ,,كانت تمشي وكأنها تمشي باربعة أقدام ,,أحيانا أتوقف لتستريح فالسنين أخذت منها عافية الاقدام لكنها كانت تمسك بيدي وتحث خطاها نحو التقدم بالسير تنظر يمينة ويسرة وكأنها ترى بهذا الشارع سنينا من الاحلام تنظر إلي الكتب المرصوفة على أرصفة الطرقات ,,تتوقف إذا لفت انتباهها رواية أو كتاب ,,لم أرى امى بهذه الحالة من سنين ,,وكأن الزمان اهداها اعوام واعوم مضت ,,لتتهافت عليها الذكريات كتهافت الطيور على أعشاشها بعد طول مغيب ,,نعم أمي كانت غائبة عن ماضيها عن ذكرياتها ,,واليوم أكشاك الكتب العتيقة أعادت لها شباب ذكرياتها ,,واضواء المدينه القابعة بين أحضان الجبال رد لها بريق عينيها ,,الشارع الطويل مع أصوات السيارات حملها لتلك الايام الذاهبة على اجنحة الفراق ,,لم يكن ينقص امي كثرة الوجوه التى تحيط بها الان ,,ولا الحياة الكريمة التى تحظى بها أي كبير بالسن ,,لم يقسو عليها الزمان بابتلاء يجهد البلاء ,لكنها كانت ببعض الاحيان حزينه ,,نعم حزينه لان العمر بدأ يخط اثارة على جسدها التعب ,,ولان الحنين لمن غابوا اقوى من احتمالها ,,امي تريد أن تعود لتتنفس زمانها الجميل ,,تريد ان ترى وجوه من غابو ا من جيلها ,,,اليوم فقط ادركت حزن امي الدفين الذي تخفية عن الحميع انه الحنين لزمانها الجميل ,,لشبابها وجمالها ,,لشوارعا التى كانت تسير بها للبيوت وسكان البيوت للادراج التى كانت تتسلق عليها ,,امي لا ينقصها إلا زمان لم يعد الا بذاكرتها يسطو باشواقه فيشعل الوجد بقلبها,,هذه هي أمي بعد أن خبأت ملامح زمانها بطيات ذكرياتها أمي سيدة ذكرياتها