المستنقع الذي نقطعه!!

تم نشره الإثنين 21st نيسان / أبريل 2014 12:48 صباحاً
المستنقع الذي نقطعه!!
خيري منصور

سيمضي الكثير من الوقت، ويُنزف كثير من الدم قبل أن تتحول هذه الفوضى التي تعصف بالعالم العربي وتخلط حابل السياسة بنابل القرصنة الى سياق من الحريات يضبطه عقد اجتماعي، فنحن من بعض النواحي نعيش ما قبل الماغناكرتا وليس العقد الاجتماعي لروسو فقط.

وسبب ذلك باختصار هو فائض المكبوتات التي تراكمت وتحالفت لتصيب مجتمعنا بالعمى، فهو منهك بتسديد مديونيات أضاف اليها التخلف نسبة باهظة من الربا التاريخي، وهناك قصة يرويها اليوناني كازنتزاكي عن شخص كان محروماً من الكرز رغم أنه يشتهيه ثم أتيح له أن يحصل منه على ما يملأ حفرة كبيرة، عندئذ انقض كحيوان جائع وأخذ يلتهم كل ما في الحفرة.. ثم بدأ يفرغ ما في أحشائه، لكنه أحسَّ أنه صفىَّ حساباته القديمة مع هذه الثمرة..

الكرز يكون أحياناً حاجات جسدية أو أشواقاً اجتماعية للتسلل من طبقة الى أخرى، وقد يكون منصباً أو وظيفة وفي جميع هذه الحالات لا بد من تسديد المديونية للحلم المزمن.

ولا ندري كم من الزمن سيمضي علينا كي نصاب بالتخمة لا من الطعام فقط، بل من الحرية كي نعود الى رشدنا بالطبع لن يبقى الحال على ما هو عليه ليس فقط لأن دوام الحال من الحال -كما يقال- بل لأن العالم من حولنا يتغيَّر وبالتالي يملي علينا قسراً إيقاعاته المتسارعة، فالإنسان التابع والصدى الذي لا يملك سوى ردود الأفعال هو أشبه بالمضبوع الذي لا يصحو ويعود إلى وعيه إلا إذا ارتطم رأسه بسقف المغارة كما تقول الحكاية.

وكم هي حكاية حكيمة رغم أنها تبدو أقرب الى الخرافة، وعبقريتها هي اشتراط الدم للوعي، فلا صحو من الغيبوبة إلا بجرح بليغ في الجبين.

وذات يوم حين يعود المضبوعون إلى رشدهم قد يعيدون اكتشاف ما فاتهم في زحمة الأحداث. وما لم يسمعوه من الأصوات الهادئة وسط الضجيج. فالشارع العربي الآن يشبه سوق النحَّاسين، حيث يحجب الرنين الأصفر الأصوات كلها.

حدث ذلك مراراً في التاريخ وأعيد الاعتبار إلى موتى أدينو وجرِّموا في حياتهم، لأنهم رفضوا أن يشربوا من نهر الجنون.

إن ما يسوء الآن في حياتنا هو التفكير الانفعالي حيث يتولىَّ القلب الجريح مهمة العقل، لأن سيل الدم تجاوز الزُّبى كلها، لكن هذا لن يكون أبدياً وما أن ينجح الناس بقطع المستنقع الذي يعجُّ بكل ما يلدغ ويؤذي حتى يعودوا الى الوراء لإحصاء ما خسروه وما ظنوه مكاسب في لحظات العمى التي أنتجها فائض الكبت والحرمان!.

(الدستور 2014-04-21)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات