بلا فرح.. بلا امتنان.. بلا اعتذار

تم نشره الخميس 01st أيّار / مايو 2014 03:45 صباحاً
بلا فرح.. بلا امتنان.. بلا اعتذار
سمير عطا الله

من سنوات طويلة قرأت للشاعر الغواتيمالي وأحد حملة نوبل، ميغيل استورياس، أن أكثر ما يساعده على الكتابة هو القاموس. كمثل كل غير ناضج. أزعجتني الفكرة. فكيف يمكن الغرف من سلة مفردات جامدة؟ مع السنين تبيَّن لي أن القاموس مثل غابة من شجر اللوز، عندما ترى زهرها، تتذكر مع جمالها عشرات الأشياء التي لا علاقة لها بالحقل والزهر والجماد.

عثر صاحبا مكتبة لبيع الكتب المستعملة في نيويورك، بطريق الصدفة، على ما قد يكون إحدى الثروات الأدبية (والمادية)، وهو كتاب مفردات من القرن السادس عشر كان في حوزة وليم شكسبير. بخط يده (المفترض). كان شاعر العالم يكتب الملاحظات ويؤشر إلى الكلمات التي ظهرت في مسرحياته ونصوصه. وكم استعار. وكم نقل من التعابير التي لا تزال تهز المسارح إلى اليوم.

أكثر من لجنة تدرس القاموس المنجم. منجم في أيامه لشكسبير ولسواه، ومنجم اليوم للمزيد من الأضواء على أعمال الممثل ومصحح البروفات في الطليعة، الذي سوف يُعرف حول الأرض، وبجميع لغاتها، باسم العائلة، شكسبير.

يظل شاعر الإنجليز بالقيمة إلى آلاف الدارسين أحجية ولغزاً. لكن جميع المصادر والمراجع التي عُثر عليها حتى الآن لن تكون في أهمية هذا القاموس، الذي يُحتفظ به الآن، في مخزن يشبه القلاع. دفع أصحابه ثمناً له 4900 دولار لتجار كنديين عرضوه في المزاد. وإذا ثبُت كلياً أنه يعود لمن يُعتقد أنه صاحبه، فلن يبقى له ثمن معقول.

مثل حكاية الألماني الذي مرّ في سوق الأنتيكا في مدينة بون، ورأى رسماً بالفحم اشتراه من التاجر بثلاث ماركات. وعندما وصل إلى منزله اكتشف أن الرسام الموقع ليس سوى بيكاسو، فأدرك أن هذه الورقة ثروة لم يكن يحلم بها. حدث ذلك غير مرة وبنسب متفاوتة بعد 23 يوليو في مصر. فقد باع الأثرياء السابقون ما يملكون للتجار، الذين باعوها بدورهم دون معرفة بقيمتها الحقيقية. بعض سفراء لبنان (وغيرهم) في أوروبا الشرقية حصلوا على التحف بأثمان زهيدة. وعندما اكتشف الروس والشرقيون حجم الخسائر التي تمنى بها البلاد، كانت أحجامها قد أصبحت بلا تعويض.

فيما كانت «القارة القديمة» تبيع آثارها وتاريخها، كانت «القارة الجديدة» (واليابان) تقتنيه. وأدت المنافسة إلى ارتفاع أسعار الرسوم والتماثيل والتحف إلى أرقام خيالية. ولم يعد الأفراد وحدهم المشترين، بل المؤسسات والمتاحف. وكان حظ العرب من الثروة الجديدة النهب، كما حدث في حرب لبنان، ومن ثم في العراق وسوريا. لن يعرف أحد حجم الكوارث التراثية التي حلَّت بالبلدان الثلاثة لأن الناس مأخوذة بحجم الكوارث البشرية في الدول الثلاث، التي يمكن تسميتها جميعاً بدول القانون، تيمناً بالاسم الذي أطلقه نوري المالكي على دولته الآمنة المطمئنة والباعثة على الطمأنينة في كل مكان. وقد وصفه أحد مساعديه لمجلة «نيويوركر» بالقول: «رجل بلا فرح، لم أره مرة يبتسم، أو يقول شكراً، أو عذراً».

 (الشرق الاوسط 2014-05-01)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات