عندما يفقد السياسي بوصلة العمل ... تبدأ المصيبة ..!!!
في بداية العام الجاري أعلنت السلطة الفلسطينية وعلى لسان العديد من قياداتها واولهم وزير شؤون الاسرى بان عام ٢٠١٤ سيكون عام تدويل قضية اسرى فلسطين في سجون الاحتلال ووضعها في الصف الاول على اجندة العمل الاعلامي الدولي للسلطة٠
اول الخطوات بهذا الصدد كانت قرار حزب السلطة "فتح" بمقاطعة المؤتمر الاوروبي الاول لمناصرة اسرى فلسطين في سجون الاحتلال الذي انعقد بنجاح باهر نهاية الاسبوع الماضي في العاصمة الالمانية برلين وحضره مندوبون عن عدد من الدول الاوروبية وممثلون عن مؤسسات المجتمع المدني الاوروبي التي تدعم قضية فلسطين. من الصعب على المراقب العادي ان يفهم كيف توصل اصحاب القرار لاتخاذ مثل هذه الخطوة!
قبل ان يجف الحبر الذي كتب به البيان الختامي للمؤتمر، أبيت كمراقب للحالة الفلسطينية وكمشارك في التحضير للمؤتمر ان اكتب هذه السطور لاطلع ابناء شعبنا على خفايا الامور والحقيقة الكاملة خلف قرار المقاطعة المستهجن وقبل ان تبدأ ماكينة الدعاية وفبركة الاخبار الملفقة لبعض الابواق التي روجت للمقاطعة في ذر الرماد في عيون البشر ونشر الاكاذيب كما عهدناهم منذ اكثر من عشرين عام.
قرار المقاطعة الذي وصل لمنظمي المؤتمر قبل ساعات قبل ابتداء اعمال المؤتمر - لم يأتي لكون المؤتمر لا يصب في الاجندة المعلنة من قبل السلطة في رام الله، ولم يكن ردة فعل لان الاخوة في السلطة لم يكونوا على علم مسبق بالمؤتمر وبرنامجه ولم تأتي المقاطعة لان منظمي المؤتمر لم ينسقوا مع السلطة او ان طرف من اطراف الطيف السياسي الفلسطيني استثني من قائمة المدعويين!
التحالف الاوروبي لمناصرة اسرى فلسطين ومنصق التحالف الدكتور خالد حمد قام باطلاع المعنيين في منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة ووزارة شؤون الاسرى ونادي الأسير وكل المؤسسات الفلسطينية التي تعنى بشؤون الأسرى في الوطن بكل الخطوات وتم مشاركتهم بكل التحضيرات للمؤتمر٠ منسق التحالف سافر نهاية العام الماضي خصيصا للوطن واجتمع مع كل من يخصه الامر ونسق معهم الخطوات التحضيرية للمؤتمر٠ واستمر التنسيق معهم من الاراضي الالمانية٠ التنسيق مع وزارة شؤون الاسرى لم يبقى في حدود اعلامهم في تطور الاحداث فقط لا بل ان وزارة شؤون الاسرى واخرون في السلطه ضغطوا وبإلحاح لتغيير برنامج المؤتمر وسير أعماله، مما اثار نقاش بين المنتميين للتحالف والمنسق الذي ابدى مرونة لا حدود لها بالتعامل مع هذه الطلبات حرصا منه على وحدة الصف وانجاح المؤتمر الاول لمناصرة اسرى الحرية في سجون الاحتلال. الضغط على التحالف اخذ في بعض الاحيان صورة الابتزاز. ورغم الامتعاض في صفوف لجنة التحضير للمؤتمر من هذه التصرفات الا ان المسوؤلية الوطنية لاعضاء التحالف ابت ان تقطع الاتصال رغم الالتفاف والتلاعب وخرق الوعود.
ولكم تفاصيل الحدث المشين:
منذ طرح فكرة عقد المؤتمر في صيف ٢٠١٣ قامت اطراف فلسطينية معروفة للجميع بمحاربة الفكرة ومحاولة افشالها بكل الطرق. لا لشيء الا لان الفكرة لم تأت من طرف مرضي عنه. وزادت وتيرة التخريب عندما اتضح ان منسق التحالف الدكتور خالد حمد مناضل من مناضلي الجبهة الديمقراطية. وكأن الجبهة ورفاقها طرف من اطراف العدو لا ياخذ بالاحضان مثل ليفني وامثالها من الحثالات. ان دل هذا التصرف عن شي فهو يدل على عنجهية وعمى سياسي لا مثيل لهما. لم يكتفي هؤلاء ومنهم اعضاء في اللجنة المركزية لفتح بمحاولة منع ابناء الحركة الصادقين الوطنيي في المانيا واوروبا من المشاركة في التحضير للمؤتمر لا بل ضغطوا على وزير شؤون الاسرى لعدم المشاركة في المؤتمر ومنعوا رئيس نادي الأسير ، احد اعمدة دعم الحركة الاسيرة في فلسطين وابن حركة فتح من المشاركة في المؤتمر. واستنجد الاثنين بشخصية وطنية من منظمة التحرير الفلسطينية للتوسط لهم عند عضو اللجنة المركزية لحركة فتح للسماح لهم الاخير بالمشاركة ورفع الضغط عنهم لم يتم الاستجابة له.
ضغط هؤلاء المتنفذين وصل درجة غير مألوفة وغير مسبوقة حيث نجحوا بان لا تتم المصادقة على الدعم المالي للمؤتمر والتي كان وزير شؤون الاسرى قد وعد التحالف بها من تلقاء نفسه دون طلب. ونسوا هؤلاء بان هذه اموال الشعب والقضية وليس اموال فصيل عن غيره رغم انهم منذ عشرات السنين يتصرفون بالمال العام وكانة ملكهم الشخصي بعيدا عن اية مراقبة او محاسبة. ان الاوان ان يرفع شعب فلسطين شعار " من اين لك هذا؟" لوضع الحد من الاستفراد بالسلطة والمال والمؤسسات والسفارات
محاولة هؤلاء المتنفذين في السلطة لتعطيل المؤتمر اخذت طابعا عدائيا وقح عندما وصل الى معالمهم بأن اتحاد الجاليات والمؤسسات والفعاليات الفلسطينية في اوروبا بقيادة الدكتور فلاح صالحة من مدينة بودابست داعم للمؤتمر ويمد يد العون بكل اشكاله لمنظمي المؤتمر وانه عمل جاهدا لكسب دعم رجال اعمال فلسطينيين لسد العجز الذي نتج عن عدم وفاء وزارة شؤون الاسرى بوعودها لمنسق التحالف. فقام هؤلاء بمحاولة دس خبر عن التحضير لمؤتمر بديل لدعم الاسرى في مدينة بودابست وهدف دس هذا الاخبار ما هو الا لارباك البشر والتخريب على العمل الوطن الصادق.
كما وانه تم العمل ببث الاشاعات المسبقة حول المؤتمر لمنع ممثليات منظمة التحرير وسفارات فلسطين من حضور المؤتمر. الا ان هذه المحاولات المستهجنة لم تنجح. سفيرة دولة فلسطين في المانيا كانت راعية للمؤتمر. السفيرة الدكتورة خلود دعيبس كانت حاضرة والقت كلمة وطنية شددت بها على اهمية وحدة الصف والعمل يد بيد بعيدا عن العصبية خصوصا في موضوع لا للفصائلية موقع به كموضوع الاسرى كما وشارك المؤتمر عدد من السفراء العرب في برلين التي تم دعوتهم من قبل سفارة فلسطين.
كما ذكرت سابقا فان برنامج المؤتمر والاطراف المدعوة للمشاركة كانت كلها معروفة للجميع واتت حصيلة لمشاورات عديدة بين كل الاطراف. وشاركت في المؤتمر مؤسسات المجتمع المدني المختلفة، منها المستقل ومنها التابع علنا لفصيل وطني، ولم يستثن احد وحرص القائمون على المؤتمر ان يشارك الجميع قناعة منهم بان قضية الاسرى قضية وطنية فوق الفصائلية عند الجميع ولا يمكن ان تستغل كأداة للصراع الفصائلي العقيم في ظل الاحتلال. اتى تصرف بعض المتنفذين في السلطة وحزبها ليلقن القائمين على المؤتمر درسا بالواقع المرير للشعب الفلسطيني وما الت الية الحركة الوطنية الفلسطينية من اندثار وعبث.
من المؤسسات التي حضرت واغنت المؤتمر بمعلوماتها وخبرتها ايضا مؤسسات تم الضغط عليها لعدم الحضور مثل مؤسسة الضمير ومؤسسة ابو جهاد والادعاء بانه تم استثناء مؤسسات تابعة لفصائل اخرى ما هو الا تلفيق وكذب.
قرار مقاطعة المؤتمر ونسب هذا القرار في الضغط على وزارة شؤون الاسرى وغيرها من الجهات ذات الصلة أمر مؤسف حقا ويدل عل التخبط السياسي والتنظيمي في حزب السلطة وهذه دلالة على ان من لا يتقن العمل الديمقراطي يصعب عليه كل عاقل ان ان يكون امينا على مصير الشعب ومستقبله. استجابة الاخوة في اقليم فتح المانيا والذين شاركوا في الجنة التحضيرية للمؤتمر بفعالية وصدق حتى اليوم الاخير لنداء المتنفذين المركزيين دعاة مقاطعة المؤتمر ساعات قبل افتتاحة تدل على ان كلمة هؤلاء الاخوة، رغم نيتهم الصادقة، لاي عمل وطني مستقبلي مشترك لا وزن له مع الاسف الشديد ، اذ ان القرار يتخذه اشخاص اخرون. هذه الحقيقة المرة ضربة للعمل الوطني على الساحة الاوروبية والمسؤول عن هذا العمل هماولئك الذين ما زالوا يعيشون في الماضي ولم يدركوا بعد طبيعة التحولات التي تعيشها الجاليات الفلسطينية ، وهي تحولات تفرض على الجميع احترام هذه الجاليات من القيادات المتنفذة والتي اصبحت معطلا لكل عمل وحدوي وليس فئوي ، يوحد الطاقات في خدمة القضية الوطنية بما فيها قضية الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال