إدعاءات مرصد الحريات الصحفية
مجمل الإنتهاكات التي وثقها مرصد الحريات الصحفية لهذا العام بلغت 328 انتهاكاً، وصنفت بـ 103 حالة إحتجاز وإعتقال، و 162 حالة منع وتضييق، و 63 حالة إعتداء بالضرب، و4 هجمات مسلحة، و 71 ملاحقة قضائية، و4 حالات إغلاق ومصادرة، في حين سجل هذا العام مقتل 20 صحفياً عراقياً
يصدر مرصد الحريات الصحفية تقريرا سنويا في الخامس من مايو من كل عام وهو يوم حرية الصحافة في العالم ويختص بواقع الصحافة في العراق ويتضمن جملة الإنتهاكات التي يتعرض لها الصحفيون وحالات القتل المنظم التي إستهدفت العديد منهم، وكما هو مبين في التقرير السنوي فإن حالات القتل كانت مريعة، وإن عمليات هجرة مخيفة حصلت لعشرات الصحفيين من الموصل المدينة الشمالية المضطربة بسبب التهديدات والملاحقة والقتل، فليس ممكنا أبدا القبول بمقتل هذا العدد من الصحفيين والصحفيات وفي فترة وجيزة، ثم إن هذا الأمر يعني رسالة موجهة الى البقية ليفهموا شروط البقاء، أو اللاشروط والرحيل فورا، أو البقاء حتى تصل إطلاقات الرصاص الى الرؤوس، أو الصدور، ودون رحمة، ودون هدف واضح، أو علة مايزال العديد يتساءل عنها في بلد يقتل فيه الصحفيون حتى لأسباب تافهة، فالزميل محمد بديوي لم يكن بطلا لأفلام الحركة كجاكي شان، ولاهو المحارب سلفستر ستالون بل، صحفي ودع صغاره في الصباح ومضى الى عمله، ولم يكن يتوقع إن الوحشية تطاله من مجند لمجرد مشادة كلامية لم تكن تستوجب وضع المسدس في رأسه وتفجيره ببرود أعصاب غريب جعل من بديوي جثة هامدة، ومن صغاره يتامى الى الأبد، ومن أمه وزوجته وأهله ومحبيه أسارى الألم والذكرى الحزينة.
التقرير السنوي لمرصد الحريات الصحفية لم يخالف المتوقع فمايزال العراق البيئة الأكثر خطورة على حياة الصحفيين، ومايزال الجميع من مسؤولين تنفيذيين ومشرعين غير قادرين على وقف النزيف ومنع آلة القتل من حصد الأرواح البريئة التي تجهض دون مبالاة، وتتحول الى أشباح، بينما تطلق يد القاتل ليستبيح كامل الحياة وينتهي به الأمر الى سجن يرفه فيه، أو أن تتوفر له الحماية بطريقة لاتتوفر لغيره، وتعجز أجهزة الشرطة والأمن عن ملاحقة المجرمين، ومعرفة الدوافع من وراء القتل الذي جعل الصحافة تنزف دون توقف، وتتهادى إليها المواجع كفاقدة لحبيب، أو مبتلاة بفقد عزيز وهو مايثير حفيظتنا جميعا فنحن نعمل في الصحافة، بينما على الآخرين حمايتنا وفقا للدستور وللقانون وليس لغيره ولانريد أكثر من ذلك، فنحن لانبحث عن المال ولاعن الجاه والسلطة، بل نبتغي ممارسة دورنا ومهمتنا الصحفية وحسب.
يمر يوم الخامس من مايو وقد جفت للتو دموع أمهات وآباء وزوجات وحبيبات لفقد الأحبة من شهداء الصحافة، لكن جروحهم موغلة في أعماق الروح لاتندمل أبدا وتبقى معهم يستهلون بها كل صباح حين تتراءى لهم صور الراحلين.