احذروا ... ملابس مسرطنة في الأسواق
المدينة نيوز :- نشرت صحيفة " الدستور " تقريراً حول وجود ملابس مسرطنة في الاسواق .
وتالياً نص التقرير :
درجت العادة أن يذهب الناس لشراء ملابس جديدة فى مواسم الأعياد والمناسبات وعندما تقوم الأسواق بالاعلان عن التنزيلات، حيث يتتبع المتسوق خطوط الموضة الحديثة وما هو معروض في محال النوفوتيه من الألبسة التي تتوهج بألوان زاهية، وبجودة تناسب ذوقه، وكلفة تلائم دخله المالي.
وهناك من يشتري من محال الألبسة الغالية ذات الماركات العالمية والأجنبية الفاخرة، وآخرون يذهبون لشراء ملابسهم واحتياجاتهم من الأسواق الشعبية والبالات ذوات الأسعار الزهيدة وضمن حدود امكانيات ذوي الدخل المحدود.
وما يجمع الأغلبية العظمى من المتسوقين على اختلاف مستوياتهم المادية سواء كانوا من رواد المحال الفاخرة أو الشعبية، أن أحدا منهم لا ينظر أبدا الى ما هو مطبوع على «الليبل» المثبت في البطانة الداخلية للقميص أو أي ملابس اخرى والتي تتضمن تفاصيل أكثر عن الماركة ومكونات التصنيع وبلد المنشأ ومحاذير اخرى لمعرفة سلامة كل خيط سيلامس اجسادنا.
رحلة لاكتشاف المخاطر
بداية.. وفي رحلة ليست بسيطة على محرك البحث الأشهر «Google» نطالع بعض ما يقوله خبراء في اختبارات سلامة الملابس من الناحية الصحية والبيئية، وهم يشيرون إلى أن العالم بدأ يهتم بنوعية الأصباغ المستخدمة في لعب وملابس الأطفال بشكل خاص.
ويرجع سبب الاهتمام بهذا الأمر إلى حادث وقع عام 2001 حير سلطات التحقيق فى أميركا، بعدما لاحظ المشرفون الصحيون في مدرسة بفلوريدا، وفاة خمسة أطفال خلال شهرين بشكل مفاجئ، ليتبين بعد تدقيق الأطباء أن هؤلاء الأطفال تعاملوا مع لعب استخدم في صناعتها الرصاص وصبغات ممنوعة انتقلت للأطفال عن طريق وضع الالعاب في الفم، ومنذ ذلك الحين ونتيجة لحوادث متشابهة، بدأ العالم يأخذ على محمل الجد استخدام الأصباغ والمواد التي تحتوي على معادن ثقيلة في لعب وملابس الأطفال، لكن فى دول العالم الثالث لا يزال الأمر لا ينال الاهتمام اللازم رغم خطورته!.
ولتوضيح الصورة أكثر، وفي رحلة أخرى عبر الإنترنت، للاطلاع على المواصفات الأوروبية للملابس، وكيف تفرض شروطا صارمة لا تستطيع أي شركة بمقتضاها التصدير للمستهلك الغربي إلا بضوابط بيئية وصحية بالغة الدقة، تتركز معظمها في نوع وطبيعة المواد المستخدمة في الصباغة والتجهيز، ونسبة التركيزات المسموح بها في حالة استخدام مواد مسرطنة، وتضع حكومات هذه الدول ضوابط أكثر تشدداً إذا كانت قطع القماش التي ستدخل بلدانها ستصبح ملابس لأطفالها، وكل هذه الإجراءات لحماية مواطنيها من خطر قد يهدد سلامتهم بسبب ما يرتدونه من ملابس.
الخيوط تتضح اكثـر
وفي رحلة أخرى على الشبكة العنكبوتية، بدأت الخيوط تتضح، حيث يشير الموقع الرسمى للاتحاد الأوروبى إلى ضرورة الحذر فى التعامل مع هذا النوع من الأصباغ، وطبقا للقسم العلمي فى ذات الموقع فإن ثمة أبحاثاً كثيرة تشير إلى أن هذه الأصباغ قد تسبب السرطان.
وتؤكد الوثيقة التزام الاتحاد الأوروبى بتوفير أقصى معايير السلامة لمواطنيه ولذلك اتخذ قرارات من منطلق سعى الاتحاد الأوروبي لحماية مواطنيه من أي مخاطر صحية، وتماشياً مع توجه الاتحاد لتنمية الوعي بحق المستهلك فى الأسواق الداخلية، تقرر منع استخدام 22 نوعاً من صبغات الآزو في الملابس الملامسة للجلد لما تحتويه من أحماض أمينية تسبب أمراضاً سرطانية، ويسمح باستخدام باقي أنواع هذه الصبغات فى حدود لا تتجاوز 30 جزيئا فى المليون كحد أقصى، وفي بعض الحالات 70 جزيئاً فى المليون فى كل حوض صباغة.
أقوال وآراء
وتقول أم ناصر «ربة بيت»: أتسوق وزميلاتي من المحال التجارية منوهة إلى وجود كميات من الملابس الجاهزة التي لا تحمل علامات تجارية وجودتها رديئة.
فيما اشار محمد الحوراني «سائق تكسي» انه وعندما يذهب لشراء الملابس، فان ما يهمه بالدرجة الاولى البحث عما يناسب دخله، مؤكدا انه لا يكترث بمكونات تلك الملابس على الاطلاق سواء من اقمشة او اصباغ.
وتقول رائدة «موظفة»: ذهبت للتسوق من محل تجاري يبيع الملابس الجاهزة ولاحظت وجود روائح كريهة تنبعث منها رغم انها جديدة وغير مستعملة على الاطلاق.
بدوره، أكد المهندس وائل وهو متخصص بالبيئة إن الخامات التي تصنع منها الملابس الرخيصة في الخارج تكون من مخلفات يتم معالجتها وهي تؤثر على البشرة والجهاز التنفسي والدورة الدموية وعلى الإنجاب، بحسب ما يصدر عن العلماء في هذا الخصوص.
ويرى نايف أحمد «صيدلي» أنه وبما أن سوق الملابس المحلية أو المستوردة التى غدت منسوجاتها الأكثر رواجاً فى الاردن، وتحظى بإقبال كبير بسبب أسعارها الملائمة للقدرة الشرائية للغالبية من محدودي الدخل دون الالتفات الى مخاطر استخدام مواد محظورة فى تصنيع تلك الملابس واستخدام أصباغ مجهولة ثبت علمياً أن بعضها يسبب أمراضا للإنسان، تصل خطورتها للإصابة بالأورام السرطانية، الى جانب الإصابة بالحساسية وأمراض جلدية أخرى.
السعر ليس مهما
وعلى صلة يقول الخبراء أنه ليس هناك علاقة بين رخص سعر المنتج وعدم سلامته بيئياً، وبعض الملابس غالية الثمن قد تحتوي على مواد ضارة، مشيرين إلى أنه ربما تدخل محلا فتسحب من الرف الأول ملابس بها بقايا مسرطنة، في حين أن الرف الثاني يحوي ملابس سليمة تماما، لأنه لم تتم صباغتها فى نفس حوض الصباغة للقطع الأولى، ومما يصعب الوضع على المستهلك العادي أنه لا يستطيع أن يفرق بين الملابس التي تحوي أصباغا مسرطنة وتلك السليمة باستخدام عينه المجردة.
المواصفات والمقاييس: حقائق خطيرة
امام ذلك، قال مصدر مطلع في مؤسسة المواصفات والمقاييس لـ»الدستور» ان جميع المنتوجات تخضع الى قواعد اساسية الزامية التطبيق وأهمها بطاقة البيان التي توضح بلد المنشأ وتركيبة الملابس والمواد الكيماوية المستخدمة، مبينا ان معظم مستوردي الالبسة يرفضون احضار بطاقة البيان الاصلية كونهم يستوردون بضائع مرفوضة في بلاد اخرى ويتم ازالة بطاقة البيان التي رفضت على اثرها الارساليات في دول اخرى ليصار الى اعادة تصديرها مجددا الى الاردن.
وبين المصدر ان المؤسسة تقوم بارسال بطاقة البيان الى الجهات المختصة في الجمعية العلمية الملكية لفحص النسب، مؤكدا ان نتائج الفحص لاغلب الارساليات تشير الى ان النسب غير صحيحة وغير مطابقة للارسالية، ما يؤكد تلاعب المستوردين بتغيير بطاقة البيان، وان البطاقة اذا كانت صحيحة فهذا يعني ان المصنع ملتزم بالاتفاقيات الدولية التي تحظر استخدام اصباغ «azo dyes» لانها وعند استخدامها تحرر مركبات اوروماتية «مسرطنة» وهذه الاصباغ ممنوع استخدامها في دول الاتحاد الاوروبي، مشيرا الى ان تلك المادة تستخدم لصبغ المنسوجات النسيجية والجلود ويحظر قطعيا استخدامها في الالبسة التي هي على تماس مباشر مع الجلد مثل الملابس الداخلية والقبعات والعاب الاطفال.
وكشف المصدر ان عدد من المستوردين قاموا باستئجار مخازن كبرى في بعض الدول خصصوها لتخزين ارساليات الالبسة التي يتم اعادتها الى بلد المنشأ بعد رفض دخولها الى دول اوروبية بسبب استخدام تلك المواد الضارة فيها حيث يقومون بالتلاعب ببطاقة بيان بلد المنشأ وتغيرها واعادة تصديرها مجددا الى الاردن.
واكد المصدر أن المؤسسة لن تتهاون اطلاقا في صحة المواطن، مشيرا إلى أن المؤسسة تطبق معايير عالمية تمتاز بالجودة عند دخول أي سلعة للمملكة، مشيرا الى انه وفي حال عدم ورود تركيبة على الملابس والعاب الاطفال المستوردة، أو عدم وجود بطاقة منشأ تكون حتماً «مسرطنة» بحسب المصدر.
وبين المصدر أن العديد من التجار يقومون بإستيراد ملابس وألعاب أطفال تحتوي على مواد مسرطنة تضر بصحة المواطن، مطالبا بفرض أقصى العقوبات بحق كل تاجر يتسبب بإيذاء المواطنين، من خلال استيراد بضائع مقلدة، او غير مطابقة المواصفات والمقاييس الأردنية.
وزارة الصحة تمنع
وهذا ما ذهبت اليه وزارة الصحة عندما منعت نهائيا استخدام اصباغ « azo dyes» وذلك في قرارها المنشور في الجريدة الرسمية (5187) الصفحة رقم (5309) حيث ورد في البند الثاني بانه يمنع استخدام او طرح مادة « azo dyes» في السوق المحلي اذا كانت الغاية منها استخدامها لصباغة الجلود والمنسوجات.
ما هية المواد المحظورة؟
وبين الخبراء أنه قد تم وضع قائمة بأسماء تجارية ورموز كميائية لمجموعة الصبغات المحظور استخدامها نهائياً، مع تحديد مسببات المرض الناتج عن كل مادة، ومن هذه المواد مثلاً الفورمالدهايد، وبعض أصباغ الآزو، والعناصر الثقيلة مثل: الحديد والنحاس والكروم، كما يوجد حدود معينة لاستخدام بعض الكيماويات، إذا تم تجاوزها يكون لها أضرار صحية، وتنص الاشتراطات أنه لا يجب أن تزيد نسبة الفورمالدهايد المستخدمة فى عملية التجهيز والصباغة عن نسبة معينة فى ملابس الأطفال، ونسبة أخرى مختلفة فى ملابس الرجال.
كذلك فإن مادة الفورمالدهايد له خطورة بالغة، لأنه بعد غسيل الملابس تقل كثافته، لكنه يظل داخل الملبس مندمجاً مع مواد التجهيز، وعندما تتحلل هذه المواد يظهر الفورمالدهايد مجدداً، نتيجة حدوث تفاعلات كيميائية ويتغلغل بكثرة داخل النسيج، ويمتصه الجسم عند الاحتكاك المباشر مسبباً السرطان.
ومع ارتفاع درجة الحرارة، وامتزاج الملبس بعرق المستهلك، تتزايد فرص تكوين جو مناسب يحدث فيه تكسير لمواد التجهيز، وبالتالى ينطلق الفورمالدهايد، لذلك فإن الدول المتقدمة مثل اليابان التي تحظر منذ سبعينيات القرن الماضى زيادة نسبة الفورمالدهايد عن 75 جزءاً فى المليون جزء من صبغة ملابس الأطفال، و150 جزءاً فى المليون بملابس الكبار، و300 جزء فى المليون بالأقمشة الأخرى غير المخصصة للملبس.
وللطب كلمة
ويؤكد الدكتور عايد محمد «طبيب استشاري»: إن ارتداء تلك النوعية من الملابس يؤدي إلى احتباس حراري ويؤثر على الخصيتين وبالتالي يضعف القدرة الإنجابية وقد يؤدي لحدوث عقم عند الرجال».
وأكد إن الخامات الرديئة التي تصنع منها الملابس من شأنها أن تؤثر على الجلد بشكل مباشر، وتعتبر الملابس المصنعة من الألياف الصناعية كالنايلون والبوليستر الأكثر تأثيراً على الجلد وتتسبب في الإصابة بالحساسية لأنها تقلل من امتصاص العرق مما يؤدي إلى إصابة الجلد بمرض.
وأضاف انه واستنادا إلى دارسة علمية في هذا المجال ترتفع احتمالية الإصابة بأمراض عند استخدام ملابس لم تخضع لمراقبة وتحاليل مخبرية خلال فترة تصنيعها تتعدى مجرد الحساسية العادية الى أمراض سرطانية خطيرة.
وبين عايد أن هناك حالات تسمم ناتجة عن الملابس الداخلية نظرا لتأثير في الجهاز التناسلي الذي يصل حد العقم ، موصيا بغسل الملابس قبل استعمالها الجديدة منها والمستعملة خاصة الموردة من أسواق غير معروفة.
مطالب بسحب عينات
من جانبه قال الخبير بكر خليل أن هذه مشكلة خطيرة جداً يجب تداركها، بوضع مواصفات قياسية جديدة تمنع استخدام المواد الضارة، وتفعيلها بقواعد صارمة وتحاليل دقيقة على الملابس التى يتم استيرادها، وما يثبت مخالفته للإجراءات البيئية أو الصحية يجب عدم إدخاله الاردن، أما فيما يخص إنتاج المصانع المحلية، فيجب أن يتم سحب عينات من الملابس الموجودة بجميع أنواع الأسواق وتحليلها، وما تثبت مخالفته يجب أن يتم إعدامه ومعاقبة المصنع المخالف.
وأشار خليل إلى أن خطورة هذه المواد الكيميائية ليست حكرا على الملابس فقط بل تشمل أيضا اللّعب والإكسسوارات وحتى المواد الغذائية اذ ان هناك مواد تخلّف الإدمان مثل المشروبات الغازية مؤكدا ان البرلمان الأوروبي قد أصدر قانونا يمنع 14 ماركة من أهم الماركات في الملابس تتسبب في أمراض خطيرة مثل السرطان، لكن هذا التجريم يبقى حكرا على الأسواق الغربية فقط ويستثني أسواق العالم العربي.
مركز الحسين للسرطان
وفي خضم ذلك قال أحد الأطباء المتخصصين في مركز الحسين للسرطان أنه لا توجد دراسات تشير إلى علاقة مباشر بين الأقمشة والسرطان، ولكن العديد من الدراسات بينت أهمية الوقاية من الأشعة فوق البنفسجية بارتداء الملابس المناسبة ذات الألوان الداكنة التي تغطي الجسم كاملا، مشيرا الى ان التحقق من هذا الأمر بصورة قطعية بحاجة الى الخبرة العلمية والعملية العالمية المشتركة.
نقابة تجار الأقمشة والألبسة
وأشار مصدر في نقابة تجار الأقمشة والالبسة إلى أن إمكانيات المواطن المادية محدودة، فلا يمكنه شراء ملابس من «كاستنديير» أو شانيل» لتتطابق مع المواصفات العالمية، مشددا على أن التجار حريصون على أن تكون مواصفات الألبسة مطابقة للمواصفات المعمول بها في الاردن وبما يضمن سلامة المستهلك من شتى الجوانب.