ملهمون لنا وليسوا بدلاء عنا...!!

تم نشره الجمعة 09 أيّار / مايو 2014 01:12 صباحاً
ملهمون لنا وليسوا بدلاء عنا...!!
حسين الرواشدة

هذه نطقة نظام ، لم أجد بُدّاً من تسجيلها في هذا المقام ، قلقد انشغلنا على مدى الاعوام المنصرمة بالاحتفاء بمواقف اخواننا الأتراك ، والتهليل للفتى الشجاع (اردوغان) ، وكان بعضنا قد وقف معجباً بما حققه حزب الله في الحرب السادسة التي فرضت عليه ، ولم تكن - بالطبع - ايران غائبة عن (موالد) الاعجاب ، بمعنى ، أن عيوننا العربية ظلت - منذ ان سقطت بغداد الى ان انشغلنا بالربيع العربي الذي اربكنا - مفتوحة على خيارين: اسطنبول او طهران ، وكأن (المهدي) المنتظر سيخرج فعلاً من هذين البلدين.

أخشى ما أخشاه - مع الاحترام لمواقف اخواننا الأتراك والايرانيين - أن يعتقد بعضنا بأن مهمتنا - كأمة عربية - قد انتهت ، وبأننا استرحنا من هموم فلسطين وقضيتها ، وبان بمقدورنا - الآن - ان نضع رجلاً فوق اخرى ، نراقب ونتفرج ونلتفت الى همومنا الداخلية فقط ، ونطمئن مجتمعاتنا بان غيرنا قد تولى (امانة) المواجهة والتحرير ، وبأن (العناية) الالهية قد تدخلت فأعفتنا - بعد ستين عاماً - من هذا الواجب الثقيل.

لا يخطر في بالي أبداً أن اقلّل من الدور التركي - مهما تكن دوافعه - ولا ان ادعو لفرض (سياج) من العزلة حول قضايانا التي لم تعد قضايانا لوحدنا ، او لرفض الأيدي التي تمتد لمساعدتنا ، او - حتى - للتخويف من هذا الاستقطاب الذي يحاول ان يملأ فراغاتنا ، كل ما أريده هو التحذير من (اعتماد) الآخر ، تركياً أكان أم ايرانياً أم غيرهما ، بديلا عنا ، او كخيار يلغي خياراتنا ، او (كوكيل) يتحدث بالنيابة عنا ، ويقاتل ويواجه خصومنا فيما نكتفي نحن بالتصفيق ، او التعليق او الدعاء لمن يتولى الدفاع عنا بالتوفيق والسداد.

صحيح أن هؤلاء الذين يتدافعون اليوم لنصرتنا ليسوا (غرباء) فنحن نتشارك معهم في الاطار الحضاري الواحد ، والمصير الواحد ، وثمة مصالح ومنافع ومبررات مشروعة تجعلهم يقفون معنا ، ولكن الصحيح - ايضاً - انهم يتحركون انطلاقاً من أولوياتهم ، لا من اولوياتنا - وان كانت احياناً مشتركة - وانهم يحتاجون الى دعمنا لادعائنا فقط ، كما أننا - ايضا - لسنا يتامى لنبحث عن آباء جدد ، ولا (مقطوعين) من شجرة لنحتفي (بالابطال) القادمين وراء البحار.

تخطئ امتنا العربية كثيراً إن هي اعتقدت بان (المهدي) المنتظر سيأتي من أرحام الآخرين لا من رحمها ، او تصورت بان هؤلاء الشرفاء الذين ضحوا بدمائهم او اموالهم من اجل (فلسطين) منحونا (اعفاءً) نهائياً من العمل والنضال والتضحية ، وتخطئ - ايضاً - ان هي استسلمت (لخيارات) القدر التركي او الايراني او غيرهما واستقالت من خياراتها ، فهذه (الاكتاف) الانسانية (تقاوم) معنا صخرة الاحتلال ولا (تقاوم) بالنيابة عنا ، وهذه الاصوات الغاضبة التي خرجت من حناجر الملايين من البشر احتجاجاً على (الاحتلال) تريد ان تسمع صداها في آذاننا ، لاننا مسؤولون ايضاً عما حل ببلادنا المحتلة(وما اكثرها!) من مآس ونكبات ، وهذا الامتحان الذي اجتازه غيرنا من المدافعين عن مصيرنا بنجاح هو امتحاننا الذي سقطنا فيه ، ويفترض أن نتعلم منهم لكي نجتازه مرة اخرى.

باختصار ، يجب أن نقول شكراً لاخواننا في تركيا وفي غيرها من بلادنا الاسلامية ، وشكراً لهؤلاء المتطوعين الشرفاء الذين (ضحّوا) من أجل قضيتنا. ولكن دون أن نفكر - لحظة - انهم قاموا بالواجب نيابة عنا ، وأن دورنا قد انتهى ، وأن امتنا قد تحررت من مسؤوليتها.. فهذا اسمه اندحار وليس انتصاراً أبداً .

دعونا نجعل كل هؤلاء ملهمين لنا.. وليسوا بديلين عنا.

(الدستور 2014-05-09)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات