الشعب يتفرج على الثيران
لايوجد شعب من شعوب العرب معترفا به، وجميع العرب شاءوا أم أبوا هم دجاج جاهز ليذبح والتعليب وأن يرسل في شحنات الى المكان الذي يختاره الزعيم، الثورات العربية كشفت زيف العرب وتفاهتهم فمن نظام حسني مبارك الدكتاتوري الى نظام الإخوان الفاشل، ثم الرجوع الى نظام حسني مبارك، ويفهم المنافس للسيسي في إنتخابات الرئاسة المصرية حمدين صباحي اليساري الحالم إن الشعب المصري المدجن سيصوت للسيسي، وسيعلن عن فوز حسني مبارك الذي يبدو أنه ورث الرئاسة لأحد تلاميذه، وكانت تلك طريقة ذكية لجر الشعب الى الدائرة التي إنتفض عليها وخرب حدودها حيث وضع في مواجهة نظام الإخوان الجائعين للسلطة والحكم وتوزيع الإبتسامات، ولم يطق هذا الشعب أن ينتظر طويلا نهضة مرسي وهو يواجه نهضة أثيوبيا ليكون العطش السلاح الأخير والقاتل الذي ينهي طموحات مصر في البقاء، ولم يكن من بد سوى العودة الى نظام مبارك.
في العراق يذهب الناس الى الإنتخابات ويصوتوا لمن شاءوا لكنهم بعد ذلك لايقررون من يكون رئيسا للوزراء، ولا للجمهورية، ولا للبرلمان، والذي يريدونه قد يطاح به بسهولة، ويتحول الى النسيان، وفي الإنتخابات الأخيرة ذهب المواطنون الى محطات التصويت وقرروا من يريدون لكنهم سيرون معادلة مختلفة لاتحقق لهم الحد الأدنى من مطالبهم، وسيضطرون للتفاهم مع واقع يفرض عليهم قسرا ويكونوا ضحايا له، نتيجة خلافات عقيمة بين الأفرقاء السياسيين الذين سيتفاهمون على أولوياتهم، وليس على أولويات الشعب الذي يتفرج بطريقة اللاتينيين الذين يجلسون على مقاعد قاسية ويرون مجموعة ثيران ومجموعة أخرى من المروضين يحاولون السيطرة والتمكن من تلك الثيران الهائجة ليصلوا الى مرحلة السيطرة الكاملة، وماعلى الجمهور سوى أن يصفق ويعبر عن الإعجاب الكامل بما أبداه المروضون من مهارة فائقة، ولم يكن للجروح والرضوض من أهمية تذكر مادامت الإثارة حاضرة ومؤثرة.
المشاركة في الإنتخابات صارت ضرورة لأنها الطريقة المثلى للإبتعاد عن أساليب العنف التي تتبعها بعض القوى المسلحة عادة والتي تثير القلق من إنهيار منظومة السلم الأهلي المتمثلة بمؤسسات التشريع والسلطة التنفيذية ومؤسسات القضاء والحكم التي تتحول الى الفوضى في حال لم يحتكم الناس الى القانون والديمقراطية المهددة بالعادات والتقاليد الموروثة، وفي كل الأحوال فليس من الحكمة أن نحيل كل فشلنا الى تلك الموروثات، بل لابد من الركون الى الدعة والسلمية، وحين تذهب المنظومة السياسية والنخب الحاكمة الى قرارات لاتتوافق وإرادة الشعب فالمسؤولية تقع على الحاكمين النخبويين، وليس الشعب الذي فعل فعله وذهب للتغيير وهذا هو دوره لانه ينتخب هيئات تتفاوض عادة من أجل إستحقاقات إنتخابية.
الخشية أن يستمر السياسيون بالتفاوض نيابة عن مصالحهم، ويتجاهلوا مصالح الشعب الذي لايجد من يتفاوض بالنيابة عنه ولا يحقق له المراد، بعد أن بذل جهدا جبارا من أجل تغيير الواقع السياسي والبناء على الرغبة في المستقبل.