أستحلفك بالله يا صاحبة الجلالة
أستحلفك و اناشدك بالله أن تصدري توجيهاتك لوزارة التربية و التعليم بالسماح للمعلم بممارسة دوره الافتراضي و تأدية رسالته الخالدة و السامية . بعد ان أفقدناه إياها .
لقد وجهت يا صاحبة الجلالة في مطلع تسعينيات القرن الماضي وزارة التربية و التعليم نحو تبني سياسة التأديب الشفهية اللطيفه و الناعمة , و منع إستخدام وسائل التأديب التقليدية , من باب مواكبة التمدن و التطور الحضاري و إحترام قيمة الإنسان .
و بعد ربع قرن من هذه السياسة و عند الوقوف على النتائج التي حققتها - و كان الاولى بوزارة التربية و التعليم ان تقف هي على نتائج تطبيق هذه السياسة لا نحن المواطنين - بتنا نجد انفسنا كدولة و مجتمع و أولياء أمور للطلبة و معلمين نسير في طريق مظلم يقودنا إلى طريق الإنحلال الثقافي و الإجتماعي و الديني و الخُلقي , سيدمر البلد و المجتمع فيما لو إستمر تطبيق هذه السياسة .
انا اتحدث عن قضية عامة و ظاهرة عامة و أرق عام يؤرق ألاف الأسر و معلمي و معلمات مملكتنا الحبيبة , كما يؤرق نظامنا التعليمي فيما لو كان ينطق و يتحدث .
فعندما مُنع المعلم من تأديب الطالب و معاقبته على أي إساءة كانت تصدر منه , تمادى الطالب في الإساءة , بل و تجاوز ذلك بالإعتداء على المعلم نفسه و إهانته و بالإعتداء هو و ولي امره على إدارة المدرسة و ممتلكاتها .
تمادى الأمر لتنتقل فوضى السلوك داخل مدارس بناتنا ليقفن فوق سيارات الزائرين لمدرستهن يرقصن فوقها و يطلقن الالفاظ النابية و تشتهر على ألستهن عبارة " عصو و مصو " كناية على نوع من أنواع الأيس كريم .
كل ذلك يحدث أمام المعلم و على مسمع منه , دون أن يحرك ساكنا , خشية و رهبة من ردة فعل إدارة المدرسة فيما لو عاقبه و أهالي الطلبة .
من كان منا يجرؤ على غير الوقوف بإحترام امام المعلم عندما كنا بالمدرسة ؟
من كان يستطيع منا ان يتفوه بكلمة واحدة بذيئة امام المعلم ؟
هل كان أحدنا يجرؤ على الوقوف أمام مدارس البنات ؟
كنا ندخن السيجارة في حمامات المدرسة خشية و خوفا من المعلم .
من كان منا يضع " الجل و الواكس " على شعره كان يُنعت بأبشع الصفات و الألفاظ .
كان لنا اهل و عائلة كما لابنائنا الان . فلم يكن المعلم يخشاهم لان كرامته كانت محفوظة و حقوقه مقدسه و مكانته عالية و لان أبائنا وثقوا بالمعلم و حسن تربيته .
عندما كنا نُضرب و نُؤدب من قبل المعلم . كانت مدارسنا و جامعاتنا تُخرج مئات الألاف من الخريجين الواعين و المثقفين الذين ساهموا في بناء واحد من افضل الانظمة التعليمية في العالم العربي و ساهموا في بناء نهضة دول عربية عديدة .
فماذا سنعول على خريجي مدارسنا و جامعاتنا الان ؟
بنات يتسعكن في الشوارع قبل دخول المدرسة و بعد مغادرتها , طلاب صغار السن يدخنون علناً و على مرآى من المعلم , البعض يحشش الحشيشة داخل المدرسة , زي مدرسي ضيق يكشف مفاتن الطالبات حتى قبل بلوغهن .
امام ذلك , فقد ملعمينا رسالتهم و دورهم السامي في تنشئة و تربية الاجيال , فحولناهم بتلك السياسة من رُسل علم إلى موظفين لم يعد يهمهم سوى تقاضي راتبهم نهاية كل شهر , و لسان حالهم بات يقول " عمرهم ما تعلموا ؟!.
لقد افقدناهم دورهم و رسالتهم و كرامتهم . بعد ان أفقدتنا تلك السياسة اللطيفة و الناعمة اخلاق أبنائنا و قيمهم الإسلامية .
البيت وحده , يا صاحبة الجلالة , غير كاف لتربية أبنائنا . فهم يقضون نصف نهارهم في المدرسة و لا نستطيع ان نراقبهم جيداً , بعد ان حُرمنا من الرقيب و المُؤدب لهم ( المعلم ) .
أناشدك بالله , أن تصدري توجيهاتك لوزارة التربية و التعليم بالرجوع عن تطبيق هذه السياسة , التي لا تصلح لمجتمعنا و بيئتنا , التي تختلف عن طبيعة المجتمعات الاخرى التي كنت تحلمين بمحاكاتها .
أما لماذا أناشدك يا صاحبة الجلالة أنت شخصياً , فلأن وزراء التربية لدينا خانوكي و خانونا و خانوا الوطن , بعدم نصحك و بعدم مناقشة النتائج المدمرة للمجتمع جراء هذه السياسة . خانوكي عندما قالوا لك حاضر ستي , حاضر يا صاحبة الجلالة , خوفاً و خشية منكي على مناصبهم .