أخذ الفكرة من عدوه

تم نشره الأحد 18 أيّار / مايو 2014 01:49 صباحاً
أخذ الفكرة من عدوه
سمير عطا الله

من أين يلتقط الروائيون المادة؟ من كل مكان. ما تعتقده حادثة بسيطة يحولونه إلى قصة وحوار وقراءة أفكار. يستعيرون له البهار والملح والسكَّر. فإذا ما كنت تظنّه عجينة بسيطة، يصير قطعة حلوى تُعرض في الواجهة ويسيل لها اللعاب. تتطلَّع أنت والرسام إلى منظر واحد، تتأمل معه الشجرة نفسها والبحيرة نفسها والتلة نفسها، لكنه يذهب إلى محترفه ويرسم ما لم تره. لذلك، يدفعون له ثمن عمله الألوف، وقد يعرضونه في المتاحف، وربما دخل التاريخ.

كنت أعتقد أن «العجوز والبحر»، رائعة إرنست همنغواي، جمعها من حياة الصيادين في موانئ كوبا الفقيرة. وقد كان هؤلاء عالمه، كما كان مصارعو الثيران في إسبانيا من قبل. مجرد حكاية سمعها وراح ينفخ فيها من أسلوبه الرائع ومخيلته الغنية. هكذا اعتقدت. وهكذا على الأرجح اعتقد جميع من قرأ التحفة الممتعة، التي هي بالنسبة إليّ أجمل رواياته، أو أبقاها على الأقل. فعندما أعود إلى قراءته بين حين وآخر، أجد أن روايات الحرب العالمية الثانية، ورواية الحرب الأهلية الإسبانية «لمن تقرع الأجراس»، فقدت علاقتها بالزمن الحالي، ولم يبق منها سوى طاقة همنغواي الصناعية ومدرسته التجديدية التي لا تزال حديثة إلى اليوم.

أكتشف الآن وأنا أقرأ مقابلة مع همنغواي، أن الروائي عثر أولا على سمكة القرش، ثم بحث عن الصيّاد الذي تصارع معها. القرش هو الذي يكرهه همنغواي. فقد اصطاد مرة سمكة تونا في فلوريدا بعد أربع ساعات من العناء، وما إن فرح بانتصاره حتى هاجمها قرش وقضمها بعيدا. ومن يومها كره القرش المعتدي. وكان يسمع حكايات مشابهة من الصيادين الفقراء في قريته الكوبية كوجيمار. وأخبرهم أنه لم يعد يخرج إلى البحر إلاَّ ومعه مسدس يطلق منه النار على أي قرش يراه في أي مكان: «ما إن يظهر حتى أصوِّب مسدسي إليه». وإضافة إلى المسدس، صنعت له خصيصا حربة حادة: «لن يهزمني هذا القرش المحتال بعد الآن. فهو يراقبك إلى أن تتعب أنت، وتتعب السمكة التي اصطدتها، فينقض عليها». لكنه يكن الإعجاب لبعض أنواع القرش. مثلا القرش «ماكو» أول من يظهر في الرواية: «إنه مقاتل بالغ السرعة والحنكة، لا تنجو سمكة منه. وهو ليس غبيا مثل القرش – النمر، الذي قد يلتهم علبة سردين إذا رآها معتقدا أنها سلحفاة بحرية».

من أجل تحويل الرواية إلى فيلم، استعان المخرج بأصدقاء همنغواي من صيادي كوجيمار. وطاف معهم البحار بحثا عن قرش يزن نحو 800 كلغ. وكان يقود عملية البحث وصولا حتى ألبيرو، مستشار المخرج في شؤون الصيد البحري، إرنست همنغواي.

(الشرق الاوسط 2014-05-18)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات