المفكر العربي عزمي بشارة يعارض فصل الأدب عن الفكر

المدينة نيوز - عارض المفكر والأديب العربي الدكتور عزمي بشارة عمليات الفصل التي يقوم بها البعض بين الفكر والأدب على اعتبار أنهما ليسا كيانين منفصلين في أي مخيلة ولا تقام بينهما علاقة خارجية مقارنة.
وبين المفكر العربي بشارة في دراسته العلمية التي أنجزها أخيرا وجاءت بعنوان "بين الفكر والأدب"، ان الفكر عمومي النزوع وشمولي الرؤية يتناول ما لا تتناوله العلوم التخصصية أو يبنى على التخصصات ليذهب من حيث وصلت هي الى حيث لا تجرؤ ان تذهب خارج مجالاها في النظرية والتعميم.
وأوضح أن "الأدب والفن هما أفعال خلق مباشرة لا تحليلية ولا تركيبية لأن هذا احد مصادر جماليتهما ولا يمنع أن يتوجدان في إطار الفكر"، مبينا أن الفكر يتميز عن الخرافة والأسطورة ولكن لا يتميز الفكر عن الأدب.
وأكد أن الفكر مهما ادعى نقاوة من الإيديولوجيات والعقائد لا بد من ان تتسرب إليه عبر الثقافة إلى الفرضيات والأسئلة وحتى إلى المناهج ومن ثم تتحكم بعملية الاستنتاج.
وأوضحت دراسة بشارة شمول الفكر على الأدب والأيدلوجيات مثلما بينت ان الفكر والادب يفندان الايدولوجيا ويعملان على دحضها من خلال منجزات العلم وان كل ادب هو فكر وان كان مباشرا وحدسيا.
وأكد المفكر العربي بشارة أن الأدباء يساهمون في إنتاج الفكر في عصرهم ويعبرون من زوايا متباينة عن روح العصر عند تقاطعات محددة للزمان والمكان في المجتمع البشري، مبينا أنهم ليسوا مجرد منتجي أفكار بل هم متورطون بالفكر إذا كانوا حقا أدباء.
ولفت الى ان كل من يعتبر الأدب حرفة حصرية تنافسية تدافع عن حدودها هو صاحب موقف فكري ومن ليست لديه مواهب فكرية أو أدبية لا يسعفه هجومه على المفكرين، منوها إلى ان الأعمال الأدبية تشتهر في حالة ايقاد شعلة الفكر فيها.
وتابع بشارة "ان الكثير من تلك الاعمال اشتهرت ليس من خلال الإبداع الفني فيها بل أيضا لفكرة انسجمت في إطار تيار فكري سياسي اجتماعي قائم".
وفي هذا الاطار عزا شهرة اعمال أدبية كثيرة إلى الفكرة التي عبرت عنها أو للتيار السياسي أو الفكري الذي تبناها واستثمرها حيث ساهمت تلك الفكرة بانتشارها أو في تهميش العمل الأدبي وعزله حتى لو كان مبدعا.
وبحسب دراسة بشارة فان كثيرا ما أدت الفكرة القائمة في عمل أدبي إلى نشره بأكثر مما يستحق من حيث قيمته الأدبية .
وربط بين هجوم كثير من النقاد الأدبيين الذين يستهجنون ولوج المفكرين مجال الأدب وبين إشادتهم بإعمال أدبية مجرد تبنيها لفكرة سطحية تحتويها حتى لو ظهرت بشكل شهوي نزوتي فظ مثل نقد خصم سياسي لا يحبونه.
وتتبع بشارة في دراسته نزوح بعض المفكرين من ميدان الفكر إلى الأدب بسبب عجز أدوات الفكر عن التعبير بما يجول في خواطر المفكرين، لافتا إلى انه حينها يأتي المفكر إلى الأدب عارفا بقصور أدواته الفكرية التي خبرها وعرفها جديا في التعبير عن كل ما يختلج في صدره من مشاعر وأفكار.
واعتبر أن الهروب من الفكر دافعا للأدب الصافي لأنه يهرب من الفكر المجرد عارفا مزايا الأدب ومدركا قصور غير الأدب عن التعبير عما يريد التعبير عنه بالضبط لأنه قد تواجه الفكر بعض الموانع السياسية والاجتماعية في التعبير عن أفكار معينة بقالب فكري جدي أما في الأدب فيتم التسامح معها.
وكشفت دراسته عن التضاد الذي يصيب المفكر خلال اقتحامه ساحات الأدب بارتكابه اخطاء قوية في حالة تسرب الأدوات التحليلية إلى قلمه دون أن يدري، مشيرا الى نفوره يقيده من الأسطورة والخرافة التي أمضى سنوات عمره في تفنيدها ودحضها.
واعتبر المفكر العربي عزمي بشارة في دراسته انه من الصعوبة ان يكتب مفكر أمضى عمره في الابعاد عن كل ما هو له علاقة بالاسطورة والخرافة ليعود ويستخدم ادواتهما في الكتابة، لافتا الى أنها مشكلة المفكر في الأدب والمتعلقة بتقييد بنيته الفكرية.