نواجه أزمة أخلاق لا أزمة سير
في مجتمعنا هنالك مقولة دارجة على لسان أغلب المواطنين تنصح السائقين بعدم القيادة خلف سائق خليجي إو إمرأة أو عجوز , لأنهم حسب مغزى المقولة سيخلقون لك أزمة سير و فوضى مرورية لعدم مهارتهم بالقيادة في شوارعنا الضيقة و المليئة بمتناقضات السير .
القيادة في شوارعنا مليئة بالفعل بالمتناقضات السلبية التي تصدر من بعض السائقين و المواطنين , تماماً كما هي مليئة شوارعنا بالعيوب التصميمية و الهندسية , فلو قدر لك أن تركب طائرة عمودية و ترى منظر شوارعنا الرئيسية من الجو , لن تجد شارعاً واحداً قط , و قد إصطفت السيارات فيه بشكل طولي و متناسق كما نرى في شوارع العالم أجمع .
و حدث بلا حرج , أن المركبات في العالم أجمع تسير ببطء في المسرب الأيمن المخصص لذلك , بإستثناء ما نراه في شوارعنا حينما نجد بعض السائقين و قد خصصوا المسرب الأيمن للسرعات العالية و العكس صحيح .
و الأغرب حينما نرى أحد السائقين في المسرب الشمال و قد أضاء غماز سيارته يريد التحول من أقصى الشمال إلى اقصى اليمين .
سائقي أغلب مركباتنا ماهرين جداً في القيادة , فقلما لا ترى سائق يقود سيارته في شارع يعج بالسيارات و هو يمسك مقود سيارته بيد و يمسك كوب قهوة أو سيجارة أو هاتف بيده الثانية .
سائقو مركبات التكسي لديهم الإستعداد لتجاوز أربع أو خمس سيارات تسير أمامهم دفعة واحدة و بسرعة عالية , للألتقاط راكب , أشار بيده لسائق التكسي , مسبباً و محدثاً حالة من الهرع و الخوف لدى سائقي السيارات الأخرى .
كما نرى الكثيرين من المواطنين الذين يريدون قطع الشارع من غير الأماكن المخصصة حذرين من الإنتباه للمركبات القادمة من مسرب ما , و غير آبهين للمركبات القادمة من المسرب الأخر .
ندرك تماماً أن شوارعنا مهترئة و مليئة بالمطبات و بالحفر التي تؤثر على إستهلاك و قيمة السيارة و راحة السائق , و ندرك أن شركات تعهد شق الطرق لم تلتزم بالمواصفات و خدعتنا , و أن مهندسينا لم يراعوا عند تصميمهم للشوارع في ستينييات القرن الماضي مسألة إستيعابها لهذا الكم الهائل من السيارات التي تزداد يوما بعد يوم .
شوارعنا لن تكون افضل حالاً من شوارع مدينة روما القديمة الأكثر ضيقاً و إهتراءاً من شوارعنا و لكننا قلما نجد لديهم مثل تلك الأزمات المرورية الخانقة و إنعدام لقيم القيادة و اخلاقها .
ما ندركه جيداً للأسف أن شوارعنا تنعدم فيها أخلاق السير و القيادة مسببة أزمة سير أخلاقية , بالإمكان تفاديها و بالتالي الحد من حوادث السير غير المنطقية و من القلق و الخوف و الشتائم و المشاجرات , و لنكتشف أخيراً أن إنعدام أخلاق القيادة في مجتمعنا هو من روج لتلك المقولة التي إبتدأنا بها مقالتنا .
برأي الشخصي أن مكمن الخلل الفادح الذي تسبب بإنعدام أخلاق القيادة في مجتمعنا هو إهمال المواطنين و دائرة السير و مراكز تدريب القيادة للدروس النظرية في ترسيخ و تعزيز قيم القيادة النموذجية لدى السائيقين .
و السؤال الذي يطرح نفسه في هذه القضية . كم مركز تدريب قيادة و كم مواطن إلتزم بالدروس النظرية ؟