كرامة المزارعين من كرامة الأردن

تم نشره الأربعاء 21st أيّار / مايو 2014 02:25 صباحاً
كرامة المزارعين من كرامة الأردن
د.رحيل محمد غرايبة

لا أستطيع إلّا أن أكون في صف المزارعين، لأن هذه الشريحة من المواطنين تستحق الدعم والتقدير، وينبغي على الحكومة أن تسارع بحل مشاكلهم وفقاً لأفضل مستويات الاحترام، من منظار أن كرامة الأردن قائمة على كرامة المواطن بوجه عام وكرامة المزارع على وجه الخصوص.
أكاد أجزم أن المزارعين ما خرجوا إلى الاعتصامات والتظاهرات والخروج إلى الشوارع والساحات إلّا بعد أن فاض المر لديهم على المرار، ووصلت الأمور إلى الدرجة التي تدعوهم إلى الانفجار.
لقد نشأتُ في البيئة الزراعية، وترعرعت في بيت زراعي، وأنا مزارع ابن مزارع، عاش بين موارس القمح ومزارع البندورة والكوسا والفول والبطاطا، ولست بعيداً عن المشاكل الكبرى والمستعصية التي يعانيها المزارعون، على امتداد عقود من الزمن، وكنت أرقب الفجوة الهائلة في الأسعار بين ما ينتجه المزارع الأردني، وبين سعر السوق للمستهلك، حيث يزيد الفارق عن عشرات الأضعاف الذي يذهب إلى جيوب السماسرة والحيتان الذين يتحكمون في السوق بطريقة غير عادلة.
ليس معقولاً أن يمر نصف قرن من الزمان، ومازالت الحكومات عاجزة عن إيجاد الحلول التي تنصف المزارع والمستهلك في وقت واحد، وكذلك مازال العجز واضحاً عن تنظيم منتوجات وحاجات السوق، وتنظيم الانتاج بطريقة علمية متطورة رغم وجود الخبرة الهائلة لدى المزارع ولدى المؤسسات المختصة.
لماذا تعجز الحكومة عن إيجاد الأسواق الكفيلة باستيعاب المنتوجات الوفيرة؟ ولماذا لم نطور أدواتنا بطريقة مقنعة تعود على الإنتاج القومي بالزيادة الحقيقية التي تفيد الخزينة وتفيد المزارع؟ ولماذا كل هذا الإهمال والنسيان لهذه الشريحة المنتجة والعاملة في مجتمعنا الاستهلاكي؟.
كيف استطاع العدو الصهيوني أن يرفع من سوية المزارع الإسرائيلي؟ وكيف استطاع أن يضاعف الانتاج لدى رقعته الزراعية بطريقة تساوي (30) ضعف انتاج الرقعة لدينا؟ وكيف استطاع حماية المزارعين لديه بحيث اصبح دخل الزراعة لوحدها أكثر من ميزانية الأردن؟.
هذه السنوات المتوالية التي سيتخرج فيها مئات بل آلاف المهندسين الزراعيين، من كل التخصصات وأرقى الشهادات ومن كل جامعات العالم، ومع ذلك لا نجد أثراً واضحاً في حل مشاكلنا الزراعية، ولم يطرأ تحسن واضح على أرقام إسهام القطاع الزراعي في الدخل القومي العام والانتاج الإجمالي، من هو المسؤول عن هذا الخلل؟ وإلى من نشكو ومن نحاور؟.
بعد كل هذه المعاناة، يأتي إقرار استخدام القوة في فض اعتصامات المزارعين، ومعاملتهم على هذا النحو المزري، نحن يا جماعة بحاجة على أقل تقدير أن يتم الاستماع لهؤلاء المعتصمين ومحاورتهم بالتي هي أحسن، والوقوف على مشاكلهم ومطالبهم باحترام وكرامة، وكما قال الشاعر: لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد القول إن لم يسعد الحال.
آن الأوان للامتناع عن استخدام العنف في حل مشاكلنا وأن نذهب إلى مسلك حضاري يعبر عن مستوى تحضر المجتمع الأردني وعن الالتزام بحقوق الإنسان.
على الحكومة أن تسمع لأنّات المزارعين بإصغاء، وأن تعمد إلى بذل جهدها في إيجاد الحلول الممكنة، مع الوعد بضرورة الذهاب إلى الحل الاستراتيجي الذي نشهده عند عدونا على بعد أمتار.

(الدستور 2014-05-21)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات