الشبه بين الاستعمار والديكتاتورية

تم نشره السبت 24 أيّار / مايو 2014 03:06 صباحاً
الشبه بين الاستعمار والديكتاتورية
سمير عطا الله

عندما تقرأ في تاريخ الاستعمار والديكتاتوريات، تذهلك القواسم المشتركة. لم يخف هتلر في «كفاحي» أنه سوف يقيم إمبراطورية جرمانية للجنس الآري في أوروبا الشرقية، على غرار الإمبراطورية البريطانية في الهند. لقد أثار إعجابه أن البريطانيين استطاعوا استعمار 350 مليونا بشريا بعدد محدود من الإداريين والجنود، وقرر تقليد النموذج في أوروبا الشرقية «وسوف تكون روسيا هي هند ألمانيا».

السر الذي اكتشفه هو أن بريطانيا أبقت الشعوب المستعمرة دون تطوير. كذلك فعلت الديكتاتوريات في الغرب والشرق. أغلق فرانكو نوافذ إسبانيا كما أغلق ستالين نوافذ الكتلة الشرقية. الممنوع الأول في الديكتاتوريات وفي المستعمرات كان الكتب والصحف وسائر أدوات المعرفة. الاحتلال الياباني الهائل الفظاعة أحكم إغلاق ما احتل من الصين، وماو أغلق الصين برمتها. كوريا الشمالية لا تزال مثل زجاجة مسدودة. تميزت الدول العربية الخاضعة للديكتاتوريات باقتصادات مغلقة ومتخلفة وقيود نقدية مثل أوروبا الشرقية وعملات لها سعران دائما: واحد رسمي لا يتقيد به أحد وواحد ينتعش فيما سمي «بالسوق السوداء».

طالما رددنا أن البريطانيين طبقوا سياسة «فرق تسد». لكنها سياسة طبقتها الإمبراطورية العثمانية أكثر من سواها. وخلال الوجود السوري في لبنان كانت هناك مسألة خلافية كل ستة أشهر، مع أن اللبنانيين ليسوا في حاجة إلى مساعدة أحد في هذا الباب أو في سواه.

ويجب القول إن هتلر حلم بألمانيا متفوقة على الجميع. كان يريد أن يبني في برلين مدينة من المباني العظيمة «بحيث لا تبدو روما شيئا أمامها». وزين البريطانيون والفرنسيون عواصمهم بالروائع التي حملوها من مصر والهند والصين وغيرها. وكرمت فرنسا «المسلة» التي ترفعها في ساحة الكونكورد أكثر مما كرمت مصر أي أثر من آثارها الملوكية.

نحن في بيروت قمنا بإزالة معالم التاريخ الروماني (بقرار من وزير الثقافة) والعثماني والفرنسي وجميع البيوت القديمة، من أجل إقامة مبان تجارية حديثة. والشجر الذي كنا نفاخر به حلق من جذوره وبيعت أغصانه الجميلة حطبا وفحما ورمادا. وأسس غسان تويني، ذلك الرؤيوي الكبير، صفحة يومية في «النهار» للدفاع عن جماليات التراث، لكن أحدا لم يقرأ، ولا أحد قبل أن يسمع، فدفن التراث في الصفحة وغارا معا في ماض لا يستعاد إلا في التحسر والحنين.

(الشرق الأوسط 2014-05-24)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات