ليمون سياسي!!

تم نشره الثلاثاء 27 أيّار / مايو 2014 12:14 صباحاً
ليمون سياسي!!
خيري منصور

تظهر في كل فترة سياسية مصطلحات جديدة، يفرزها المناخ السائد، منها ما هو شعبي ومتداول على نطاق واسع مقابل مصطلحات أخرى تبقى حكراً على النخب، فبعد ثورة يوليو 1952 في مصر ظهرت مفردات لأول مرة كالجماهير والعدل الاجتماعي وتحالف القوى العاملة إضافة إلى مصطلحات سياسية أخرى كعدم الانحياز وحركات التحرر.

وفي مصر خلال السنوات الثلاث الماضية ظهرت مفردات جديدة منها «الفلول» تعبيرا عن بقايا النظام السابق و رواسبه ومنها «الأخونة» وأخيرا «عصير الليمون» ، والليمون المصري له حكاية طويلة، فهو بحجمه الصغير ورائحته النفَّاذة، واسمه الغريب وهو بنزهير علاج يشفي ومعقم ومقاوم للسموم، وربما كان هذا مصدر استخدامه سياسياً، والمقصود به أن هناك أطعمة لا يمكن ابتلاعها واحتمالها إلا إذا عُصِر عليها الليمون، وحين يُضطر شخص ما إلى انتخاب مرشح معيَّن غير مقتنع به وانما ينتخبه عن طريق النكاية بخصمه فهو يعصر الليمون، وحين يكون الفرد مخيراً بين أمرين كلاهما مر يعصر الليمون.. وكأن الليمون هو السحر الذي يستعان به إذا فرض على شخص ما أن يتجرَّع ما لا يشتهي، أو إذا كان في موقف كالذي عبَّر عنه المتنبي الذي عاش زمناً في مصر وهو: «من نكد الدنيا على الحرِّ أن يرى عدواً له ما من صداقته بد»، في زمن أحمد عرابي لم تكن كلمة الثورة متداولة، لهذا استخدمت كلمة «الهوجة» وفي عصور اسلامية مختلفة كانت كلمة الفتنة هي التعبير عن الاحتدامات الايديولوجية والحروب الأهلية.

ولو صح أن عصير الليمون ينقذ الإنسان من ورطة ما، فإن كل ما على شاطئ البحر المتوسط الشرقي لا يكفينا، لأننا كعرب غالباً ما نختار بين المرِّ والأمرِّ منه وبين السيء والأسوأ منه؛ لأننا لا نملك ما هو أبعد من أضعف الايمان والحد الادنى وما يقابل عصير الليمون في مصر، ما نقوله أحياناً في بلادنا وهو ان نرش السكر على العلقم، وهو ذروة المرارة.

وسواء استعنا بعصير الليمون أو السكر، فإن الواقع بلغ حداً من المرارة لا ينفع معه شيء وفلسفة تعطير الجثث انتهت دائماً الى بؤس يتعذر الخروج منه؛ لأن المسألة ليست في المفاضلة بين المرِّ والأمرِّ وبين الموت جوعاً والموت غرقاً أو كمداً، لكن قبح الواقع احيانا يدفعنا الى قبول السخونة والحمى التي تلهب السحايا اذا كانت البديل الوحيد للموت.. لهذا على العرب أن يُضاعفوا من زراعة الليمون، كي يعصروه على المرارات التي يبدو العلقم عذباً إذا قيس بها!!

(الدستور 2014-05-27 )

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات