الخير نادرٌ لكنه موجود

تم نشره الخميس 29 أيّار / مايو 2014 09:21 مساءً
الخير نادرٌ لكنه موجود
د. مصطفى يوسف اللداوي

 

الخيرُ في زماننا قليل، والصلاحُ نادر، والوفاء نفتقد إليه، لكن القلة والندرة والحاجة لا تعني أبداً الفقد الكامل، ولا العدم المطلق، بل يبقى فينا وعندنا الخير، فنحن أمة الوسط، وأتباع خاتم النبيين، وسيد المرسلين القائل "الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم الدين".

لكن توقع الخير من الآخر دائماً، والتماس حسن النية منه، والظن به خيراً بأنه سليم الطوية، نقي السريرة، واضحٌ لا يخفي، وصادقٌ لا يكذب، وصريحٌ لا ينافق، وجادٌ لا يسخر، ومخلصٌ لا يتآمر، فليس صحيحاً على الإطلاق، فقد يخيب الآخر رجاءك، وقد لا يكون محلاً للثقة، ولا على قدر الأمانة، وقد لا يحمل لك ذات التقدير والقيمة، وقد لا يكون مخلصاً في علاقته، ولا صادقاً في تعامله، ولا محباً في حقيقته.

لكن الحكم على العموم خطأ جسيم، والأحكام المطلقة فيها ظلم، ومحاسبة العام بالخاص لا تجوز، ومعاقبة الجمع بخطأ الفرد لا تكون، وردود الفعل السريعة فيها تجني، واتخاذ قراراتٍ في ساعات الغضب تورث الندم، والأحكام الدائمة الأبدية، التي لا تعطي فرصة للتوبة والندم، ولا مكان فيها للمراجعة والاستئناف، فيها ظلمٌ أكبر، وضررٌ جسيم، وحكمٌ يشبه الإعدام، ويتشابه مع القتل، الذي ينهي الحياة بالموت، الذي لا عمل بعده، ولا فرصة للتوبة إثره.

أما الأخطر من هذا كله، فهو أن ينصب البعض من أنفسهم حكاماً، بغير شرعيةٍ ودون الاستناد إلى شريعة، وأن ينبري منهم قضاةٌ، يسنون القوانين، ويوصفون الجرائم، ويتهمون الآخر بما يحلو لهم، بغير وجه حقٍ، بعيداً عن العدل الأصيل، أو العرف المحترم، ثم ينفذون بحق مخالفيهم أحكاماً قاسية، سجناً وإعداماً، وتغريماً وإبعاداً، وحرماناً وإقصاءً، وتخويناً واتهاماً، وغير ذلك مما يعقد الحياة بين الفرقاء، ويحول دون لقائهم أو إتفاقهم.

نحن بحاجةٍ إلى بعضنا، فهذه الحياة تتسع لنا جميعاً، وفيها متسعٌ للآخر وإن خالف، ومكانٌ له وإن عارض، والحياة تتطلب التمايز والاختلاف، فالأضاد جميلة، والتباين إبداعٌ، والتنوع تطورٌ وتقدم، ما توافق مع الأخلاق، ولم يتعارض مع العقيدة والدين، ولم يتناقض مع الوطنية.

والأهم من ذلك كله أن يحرص الفرقاء على بعضهم، استيعاباً وقبولاً ومشاركة، وأن يغفروا لبعضهم، ويتجاوزوا لأنفسهم، إذ لا يوجد إنسانٌ بلا نقصٍ ودون أخطاء، فكيف بالمتعارضين أصلاً، والمختلفين منهجاً، والمتحازبين فكراً، فلستَ بمستبقٍ أخاً لا تلمه على شعثٍ، فأي الرجال الأفضل.

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات