رغيف من عجين الورد

تم نشره الإثنين 02nd حزيران / يونيو 2014 12:45 صباحاً
رغيف من عجين الورد
خيري منصور

إذا كان الإنسان لا يعيش بالخُبز وحده، فهو أيضاً لا يعيش بالورد وحده ولا بالذهب الذي حصل عليه ميداس الأسطورة الذي مات جوعاً لأن كل ما كان يلامسه يتحول إلى معدن بارد وصلب.
وهذه ليست عودة إلى ماري انطوانيت والبسكويت بقدر ما هي رغبة في التذكير بأن الإنسان يعيش بين حدي أو قوسي الضرورة والحرية، وأحياناً تنافس حاجته إلى الأمن غرائزه الأخرى لأنه ما من أي اشباع مع الخوف.
وقد حولت الثقافة الرأسمالية الإنسان إلى بُعْدٍ واحد فقط هو البُعْد الاستهلاكي، كما يقول هربرت ماركيوز وبالتالي أفرغته روحياً وحولته إلى سلعة أو رقم أصم.
فقدان الشعور بالأمان قد يفرض على الإنسان أن يتنازل ولو قليلاً عن حريته، لكن هناك من يرون عكس ذلك، ومنهم ذلك الأمريكي العادي الذي قال من خلال السي. إن. إن عشية أحداث الحادي عشر من أيلول أنه إذا تنازل عن نصف حريته من أجل نصف أمنه، فسيفقد الاثنين معاً لأنه لا يستحقهما وقد يرى البعض في هذا الموقف راديكالية لا تنسجم مع واقع الحال، وأذكر أن حواراً قصيراً جرى ذات يوم في أحد المطارات بيني وبين الكاتب «سونيكا» الحائز على جائزة نوبل، فقد اضطر مثلي أن يخلع حزامه وحذاءه ويحملهما وهو يعبر من بوابة التفتيش، ولم يكن غاضباً لأن فهمه للحرية ليس مطلقاً أو رومانسياً وقال إنه لكي يحافظ على ما تبقى من حريته عليه أن يدفع الثمن.
واختزال الأزمات التي نعيشها على تعقيداتها وتداخلها إلى الرغيف به إهانة للبشر فالاقتصاد رغم أهميته ومحورية نفوذه ليس كل شيء.
وهناك من جرَّبوا التُخمة في الطعام والأنيميا في الوجدان والإبداع لأنهم صدقوا أن الإنسان يعيش بالخبز وحده، مقابل آخرين شيدوا يوتوبيا من أحلام يقظتهم ثم اكتشفوا أنها أشبه بشجرة اللبلاب لا تستطيع الوقوف لحظة واحدة دون الارتكاز إلى جدار أو أي شيء آخر لأنها بلا عمود فقري.
وهناك ملاحظات من صميم علم النفس نادراً ما يهتم بها الباحثون وراصد الأزمات، منها أن الجائع لا يرى في العالم كله غير الرغيف الذي يسيل عليه لعابه، لكنه سرعان ما يكتشف أن حاجاته أبعد من ذلك بكثير.
والمكبوت جسدياً تحجب المرأة العالم كله عن وعيه لكنه أيضاً عندما يصحو يكتشف أن الأمر غير ذلك تماماً.
إن من يكتبون عن أزماتنا أشبه بالعميان الذين سقطوا على الفيل فوصف كل منهم العضو الذي سقط عليه من جسد الفيل.
والحل هو الإصغاء إليهم جميعاً لأن الفيل هو حاصل جمع شهاداتهم!

(الدستور 2014-06-02)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات