غيبوبة قومية !

تم نشره الثلاثاء 03rd حزيران / يونيو 2014 12:13 صباحاً
غيبوبة قومية !
خيري منصور

من تبقى على قيد الرشد قبل بضعة أعوام ولم يستخفه الطرب كان عليه أن يتحمل اتهامات تنوء بحملها الجبال والجمال معاً، فالمشهد كان في أكثر من مكان أشبه بحفلة تنكرية، بحيث ارتدت ثعالب أقنعة الأرانب وتنكرت صقور سرعان ما افتضحها الهديل المصطنع والكاذب.

ولم يكن من تشبث بوعيه يدافع عن حالة الاستنقاع التي يعيشها العالم الذي ينتمي إليه، وربما كان سباقاً إلى الحلم والتبشير بعواصف التغيير لكن الروائح التي تسربت في تلك الأيام استطاع الأنف المثقف أن يحزر مصادرها، خصوصاً بعد صدور تصريحات متعاقبة عن القياصرة الجدد وسادة الدبلوماسية ذات الخوذة، حول إعادة رسم التضاريس وخطوط الطول والعرض لهذا الوطن تبعاً لمقياس رسم طائفي، وكان الهدف أخيراً هو امتطاء موجة الغضب المشروع وتجييرها باتجاه آخر، طالما حددته بوصلة الاستشراق.

في تلك الأيام كان البقر كله أسود كما يقول هيجل لأن اللحظة لحظة غروب، واختلط الأمر على العيون الكليلة، فظنت أن الغسق شفق. كانت أسباب الغضب والانفجار على وشك الاكتمال، والمخاض العسير في الطلقة الأخيرة، لكن القابلة أحياناً تخون وقد تستبدل المولود أو تخنقه تبعاً للطلب والأجر!

ولو قدر لذلك الغضب أن يتنامى عضوياً لكانت الثورة هي بديل الفوضى والوئام الوطني بديل الانقسام. لكن الحرب التي اندلعت بين الأمهات الكاذبات ومدعيات الطفل في الحكاية السليمانية انتهت إلى تمزيق الطفل وتحوله إلى أشلاء لأن الأم الحقيقية صمتت، أو صدقت بأنه ليس ابنها.

ما من مرة تراكم فيها الغضب وتصاعدت فيها شهوة التغيير حتى قفز إلى المشهد من يخلط الأوراق ويسطو على الحلم وبالتالي يسرق دموع الناس وعرقهم وحتى دماءهم.

لقد مضى وقت طويل لم يكن فيه فك الاشتباك متاحاً لأحد لأن البوصلة أصابها عطب مؤقت وظن لصوص المتاحف والبنوك والمخطوطات أن الدولة قد تلاشت، وعاد الجميع إلى الغاب والكهف لكن ما انتهى إليه المشهد رغم تعقيده وتعدد زوايا النظر إليه هو باختصار أن الدولة ليست اسمهاً مستعاراً للنظام، وأن الحرية ليست امتلاك الحق في قطع الطريق والسطو المسلح والتخوين السريع والإعدام المعنوي.

ولا ندري من يعتذر لمن بعد كل هذا الخراب؟ ما دامت الخسائر موزعة بالتساوي بين الجميع رغماً عنهم!

(الدستور 2014-06-03)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات