النكسة روح تسري

تم نشره الخميس 05 حزيران / يونيو 2014 12:17 صباحاً
النكسة روح تسري
د. رحيل محمد غرايبة

ستة وستون عاماً مرت على ذكرى النكبة، وسبعة وأربعون عاماً مرت على ذكرى النكسة، وما زلنا نحتفل بمخلفاتها، وننتخب سلالاتها، وكأن النكبة والنكسة أصبحت روحاً تسري في الأمة جيلاً بعد جيل، فتثمر عدداً لا يحصى من النكبات والنكسات، التي تتجلى في تخلف مزرٍ وتراجع مذهل على صعيد السياسة والاقتصاد والتعليم والتربية والاجتماع والإنتاج القومي والإنجاز الجمعي.
عندما تمر السنوات تباعاً، وتتخطى حاجز نصف القرن من الزمان، ولا يزال العدو يربض على الأرض، وينعم بالأمن والاستقرار، ويهوّد الضفة والجولان، ويقسم الحرم الإبراهيمي، ويمنع المسلمين من الصلاة في مساجدهم، ويجعل ساحات الأقصى مسرحاً للتدنيس والعبث، ويتمرد على كل شرائع الأرض والسماء، فينبغي أن نعترف أننا أمة تسري في أوصالها روح النكسة، وتتكيف مع فقه النكبة.
منذ عام (48)، أومنذ عام (67) على أقل تقدير يجب أن نجيب على السؤال في كل صبيحة تشرق فيها الشمس، هل نحن نتقدم أم نتأخر؟ وهل نحن مع مرور الأيام نقترب من لحظة التحرير أم نبتعد؟ المعني بهذه الإجابة كل الأمة، أنظمة وشعوباً، وأحزاباً وجماعات، علماء وتلامذة، ذكوراً وإناثاً، صغاراً وكباراً..
الإجابة ينبغي أن تكون صريحة وجريئة ومحددة وواضحة، تتسم بالعلمية والموضوعية بحدودها الدنيا، وتبتعد عن مخادعة النفس وتضليلها، وتضليل الأجيال والضحك على عقولهم الغضة، وإرادتهم المترهلة والمنهكة بتركة نفسية ثقيلة تنوء عن حملها الجبال، وإن الإجابة الصريحة سوف تسبب كثيراً من الألم المبرّح الذي نحاول التحايل عليه بالنسيان أو التناسي، أو اللجوء إلى حالة النكران التي يعيشها بعض مرضى السرطان الذين يلجأون مضطرين إلى عدم الاعتراف بالمرض، رغم كل المؤشرات والوقائع التي تؤكد حقيقته المرعبة.
لقد وصف الله تعالى في كتابه العزيز أتباع «موسى» عليه السلام الذين تواطأوا على عبادة العجل وما أحدث ذلك من أثر في نفوسهم بقوله تعالى: (وأشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم)، مما يجعلنا أمام تفسير موضوعي لحالة الأمة بعد مرور ما يزيد على نصف قرن من السنوات.
اننا ينطبق علينا القول: وأشربوا في قلوبهم النكسة... فأصبحت النكسة روحاً ومنهجاً وحياة، والا ما هو تفسير حصول من يريد حمل فكر النكسة وفكر صانع النكسة بـ(96%) من أصوات الناخبين، وسوف تكون النسبة نفسها لابن بطل النكسة أو أحد أبطالها، التي تشهد لهم الجولان بذلك شهادة حق لا لبس فيه ولا مراء.
هل يملك الجرأة أحد ممن يعترض على ذلك ليخبرنا بأن سوريا بعد مرور (47) عاماً على احتلال الجولان أنها أصبحت أقرب إلى تحريرها، ويمكن أن ينسحب السؤال على كل الأشباه والنظائر.
وحتى لا أكون ظالماً ولا منحازاً، فإن روح النكسة ليست مقتصرة على الأنظمة، لأنه ما كان لها أن تحظى بهذا الوصف لولا سريان روح النكسة على غالبية الأمة أو على الأجزاء الفاعلة منها، وأصبحت المعارضة مصابة بالداء نفسه من حيث القدرة على شخصنة مواقع القيادة، وامتلاك القدرة الإعلامية على تحويل الهزائم والنكسات إلى انتصارات وتقدم وبطولات، والتستر خلف الانتخابات، التي تكرس روح النكسة وسريانها في القلوب والأفئدة، وامتلاك القدرة على إلهاء الأتباع بالأمور الشكلية التي تصرفهم عن استحقاق الإجابة، وتحويل الفئة البشرية التي تديرها إلى ماكينة تشويه وطحن للآخر، وتلويث سمعة من يخالف الرأي ويجرؤ على المعارضة.

(الدستور 2014-06-05)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات