أين الخِطط والاستراتجيات مع انقطاع أدوية مهمة ؟
تطمئن نفس المواطن عندما تُصرِّح الجهات الرسمية عن توفر خططٍ واستراتيجيات رُسِمَت بدقة لِتُحقِّق الأهداف القريبة والبعيدة وتكون غُبَّ الطلب لإدارة الأزمات عند وقوعها. لكن تلك التصريحات تُصبح موضع شك عندما تقع أزمة معينة وتستمر حيث يُصاب المواطن بالذهول فيتساءل: أين ذهبت الخطط والاستراتجيات؟
وكمَثَلٍ على ما سبق، نضع مشكلة انقطاع مجموعة أدوية ومنذ شهور في جميع الصيدليات وفي جميع المراكز الصحية الشاملة وغير الشاملة. وتكمن المشكلة أنَّ مِن الأدوية المقطوعة ما لا يتوفر له بدائل تحمل التركيبة نفسها والمفعول عينه. وما يتم الزعم أنه من العائلة الدوائية نفسها ويَفي بالغرض العلاجي عَيْنِه ، هو كلامٌ لا يتَّسِم بالدِّقة حسب تأكيد الأطباء من أصحاب الخبرة والاختصاص، بدليل ما يُسَبِّبُه مِن مضاعفات وانعكاسات صحية ، والبرهان اضطرار المرضى للدخول إلى المستشفيات لتدهور وضعهم الصحي من جراء تعاطيه!
ويتحدث مُطَّلِعون أنَّ سبب انقطاع الأدوية يعود لتراكم ذممٍ ومستحقات مالية كبيرة للشركات المورِّدَة على الحكومة، وهُنا نتساءل ما ذنب المواطن بهذه المشكلة ؟ وما ذنبه وهو يراقب كيف تتوجه عائلات بجميع أفرادها وخاصة أيام السبت وباستمرار إلى مراكز صحية فتُحمِّل، بل وتجرف الأدوية دونما حاجة مرضية تستدعي أن ينال كل فرد وصفة! هذا الأمر فيه هدرٌ مالي لمال الخزينة ، بالإضافة أنه يحرم المرضى مستحقاتهم اللازمة فعلاً. نتفهَّم حاجة الشركات المورِّدة لمستحقاتها وحقَّها المشروع في ذلك لتتمكن من الاستمرار بأداء واجبها ولِتُوقِف تصاعُد الفوائد على قروضها البنكية، لكن هذا لا يُبيح القيام بعقاب جماعي فَتُحْرَم حتى الصيدليات الخاصة التي يُمكنها توفير سيولة نقدية للشركات حيث يدفع المواطن في العادة الثمن عداً ونقداً. وفي السياق عينه، فإن رغبة أي مستورد بزيادة نصف دينارٍ مثلاً أو ليُكن ضعف ذلك على سعر دواء معيَّن بسبب ارتفاع ثمنه من الشركة المُصنِّعة أو أسباب أخرى ، يجدر أن لا يكون حائلاً لمنعه من استيراده ، وبالتالي فقده من الصيدليات ليضطر المواطن الدخول إلى المستشفى من مضاعفات عدم توفر الدواء أو بديله ، وما يواكب هذا من مصاريف باهظة قد تصل لمئات الدنانير! فأية معادلة هذه يُحرم المريض من الدواء لفرق سعر بسيط هو على استعداد لدفعه، بينما يُصار إلى تكبيده مئات الدنانير وهكذا!
إنَّ كَسْرَ احتكار استيراد الأدوية ذات الأهمية البالغة على حياة الناس مِن شركات مُحَدَّدةٍ، مسألة يجدر أن تكون محطَّ اهتمام الجهات ذات العُلاقة، حتى لا تبقى حياة الناس تحت سيطرة تلك الشركات من جانب، ومن آخر ليتحقق الأمن الدوائيُّ المُرتَجى.
ثمة ملاحظة هامة تتعلق بأخطاء صرف وصفات الأدوية مِن بعض الصيدليات، حيث تُصْرف دون تمعُّنٍ بالمُدوَّن عليها. ولتشابه الحروف في أدوية كثيرة يقع المواطن ضحية جهل موظف الصيدلية، ولا يتكشَّف هذا إلا عند وقوع مُضاعفات قد تضطر الطبيب تحويل مريضه للمستشفى. وتنتهي المسألة باعتذارات وترجِّيات كالعادة ! لذا نتمنى التأكد من كفاءة العاملين الجُدُد في جميع الصيدليات. ولا يُعتبر انتقاصاً أن يُعَمَّم على الأطباء بما في ذلك القطاع الحكومي كتابة الوصفات بحروف واضحة حتى لا يتحزر الصيدلاني ويصرف خلاف المقرر!
ومع زهْوِنا بالمستوى الطبي الذي وصلنا إليه، فإننا نُسجِّل عتبنا على كل مُزايدٍ يتقوَّل أن في نقدنا البنَّاء، - وهذه هي رسالتُنا ورسالة الإعلام المُلتَزِم - الذي نفتح فيه أعين السادة المسؤولين على قضايا ومشكلات تمس حياة الناس ومصلحة بلدنا ، هو ضربٌ من التشويه. أجيء بهذا لِمن لم يَرُق لهم كشفي الخفايا في مقالي المنشور في الرأي الغراء وفي صفحة الناس هذه، والمُعَنون: "من أجل إجتثاث السلبيات بحق المرضى الذين يَفِدونَ للعلاج!".