ضجر

تم نشره الأربعاء 11 حزيران / يونيو 2014 01:02 صباحاً
ضجر
ابراهيم العريس

«هل هم وحدهم من دون خلق الله جميعاً عاجزون عن التنبه إلى مقدار الضجر الذي يثيرونه لدى الناس في كل مرة يتصدرون فيها الشاشات الصغيرة وأمامهم المكروفونات والمذيعون المنتظرون «سكوباً» لا يأتي أبداً، أو كلاماً جديداً لا يعرف طريقه إلى تلك الأفواه الكالحة؟»... بهذا السؤال الغاضب واجه الحلاق العجوز جاره الصحافي الشاب حين مرّ به عند الصباح محاولاً أن يقرئه السلام كعادته.
طبعاً، بحكم العادة كان الصحافي يعرف، أو يعتقد أنه يعرف، هؤلاء الذين يعنيهم الحلاق بكلامه: فهم عادة مزيج من السياسيين الذين يرى الحلاق أنهم يقولون أي كلام... و «الخبراء» الذين يقولون كل شيء عن كل شيء ويتوقعون ما لا يحصل أبداً، وحتى الفنانون و «النجوم» الذين بات همّهم الوحيد الترويج لأعمالهم التي لا روح فيها ولا فن على الإطلاق فيما هم يعبرون على «حنينهم» إلى زمن الفن الجميل من دون أن يحاولوا محاكاته أو الدنو منه... في العادة يجعل هذا كل هؤلاء، في نظر الحلاق، حالاً ميؤوساً منها، وبالتالي تكون النتيجة بضعة آراء متبادلة بين الجارين ينصرف كلّ منهما بعدها إلى شؤونه.
ولكن هذه المرة، بدا الأمر مختلفاً بالنظر إلى أن عيني الحلاق كانتا تقدحان شرراً غريباً يعني أن المقصودين هذه المرة غير كل أولئك. وبالتالي كان لا بد للصحافي الشاب من أن يتوقف متسائلاً من يغضب صديقه إلى هذا الحد هذه المرة. ولم يتأخر الجواب. الحلاق غاضب اليوم على قومه نفسه... على أولئك الذين كان يعتقد لفترة أنهم أبناء الشعب يدافعون عن مصالحه ويطالبون بحقوقه فيُضربون ويتظاهرون ويرددون ويعيدون مهددين بأفظع الأمور ضد... ما اعتادوا أن يسموه «الطبقة السياسية»... «لقد زادوها هذه المرة، وتبدو حربهم الآن – وعلى الأقل كما تظهر على شاشات التلفزة ومن خلال أحاديثهم وقد بات يسرّهم كما يبدو أن يتحولوا إلى نجوم تلفزيونية - تبدو وكأنها موجهة ضدنا وضد مدارسنا وأبنائنا ومصالحنا»... «انظر إليهم يا صديقي - قال الحلاق - وهم يتنقلون بين شاشة وأخرى مغيّرين بدلاتهم بين ظهور وآخر مبدّلين قصّات شعرهم... وألوان ياقاتهم، مكررين كلاماً لا يفتأون يرددونه منذ شهور، بالصيغ نفسها وبالوتيرة ذاتها من دون أن يتمكنوا من تحقيق أي شيء...».
وهنا إذ حاول الصحافي فتح فمه ليلعب دور محامي الشيطان إنما من دون اقتناع إذ تذكر مشاهدهم، وكيف أنهم، ومن بينهم أساتذة مدارس، فاجأوه مراراً بأخطاء إملائية بائسة على لافتاتهم المفتقرة إلى أي ذكاء أو خيال، قاطعه الحلاق قائلاً: «ترى أوليس من واجبكم أنتم معشر الصحافيين أن تخبروهم كم باتوا مثيرين للضجر روتينيين؟». ثم وبعد أن صمت نصف ثانية أكمل قائلاً: «آه كم أود أن أظهر على الشاشة كي أقول لهم إنني والشعب صرنا نعرف أن كلّ ما في الأمر أن مكالمة هاتفية يمكنها أن تسكتهم... تماماً كما أمكنها أن تحركهم...». ثم سكت وقد لاح عليه أن ضجره قد خفّ بعض الشيء فيما سلّم عليه الصديق وواصل طريقه...

(الحياة 2014-06-11)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات