صدفه

تم نشره الثلاثاء 08 كانون الأوّل / ديسمبر 2009 08:51 صباحاً
صدفه
سوسن احمد عبد القادر

جبال ثلج مضويه ...

أكاليل زنابق مرويه ...

طيور جنة متواريه ...

طفولة بريئه مستحيه ...

عيون طفل صغير بريئه ...

اسراب غزلان جاريه ...

صوت سنونو قادمه ...

كل هذا  والشمس غائبه ...

كل هذا ولسعة برد قارصه ...

كل هذا وهي تطل من خلف نافذة صغيرة عاليه تنظر بوجل ، تنظر بشرود ذهن أم بانتظار شيء يحدث أم بغموض تنظر للبعيد ، كأن بها تريد ان تستبق ألأحداث  ، أم لا هذا ولا ذاك . رأيتها بظفائرها اللامعه وعيونها الحالمه وقد رمت على رأسها قطعة خفيفه تشبه الحريرلونها من صفاء وبراءة قلبها تكاد تخفي هذه القطيفه جزء من وجهها وشعرها لتظهر الناحيه الأخرى من وجهها كم هو شعور غريب إنتابني لا أعرف له سبب هل هي أنس أم إنها من عالم آخر فسكونها ورقتها ووجهها الحالم يرسم حولها دائره تلفها الغموض ، لقد شعرت وكأن خيال يتجسد بشكلها فحضورها أشبه بالخيال أو أشبه بحواديت ألف ليله وليله ، دنوت منها لأسألها عن إسمها عن شخصها فأشاحت بوحهها وكأنها لا تريد التحدث فأحترمت رغبتها وتسللت من المكان لأتوه وسط الزحام . ولكن شبحها فضل يلاحقني وأسئله كثيره  في ذهني من تكون وما إسمها ولماذا أتت إلى هذا المكان بالذات ولماذا شدت إنتباهي ، بقي شبحها يطاردني  وحب الفضول يلاحقني ، ولكن وسط الزحام والأشغال وتلاهي الدنيا وأعباء الحياه تناسيتها حتى جاء اليوم الذي حفرت أحداثه طيات باقي أيام عمرى.

 كنت قد عدت من غربتي وعادت معي اسراب السنونو لتستقر بأعشاشها وتقول لي ما من مغترب إلا وعائد الى أهله وإلى بيته ولو بعد حين وكأنها تفرش لي حياتي أو تخطها معي .

استقليت القطار المتجه الى سفوح الجبال المتراميه على أطراف إحداها ضيعتي ، وما أن جلست باحد كبائن القطار وأخذت مقعدي بالقرب من احد الاشخاص ولكن عذرا لشدة لهفتي للقاء اهلي ومع شرود ذهني بأفكار كثيره وأسئله متنوعه تدور برأسي نسيت هوية الشخص الذى يجلس بقربي إذ كان رجل ام امرأة صغير ام كبير فعقلي مشوش بين سعيد ومتلهف للآت  ، وأثناء شرودي استيقظت على صوت عجلات القطار وهي تتخبط ببطئ معلنه وصولها وإنتهاء الرحله بالنسبه لي ، ترجلت من القطار وأخذت أخطوا بخطا سريعه أكاد اتسابق مع الريح وادنوا من حرش  صغير كنت دائما أخذه الملاذ الوحيد لتخيلاتي و آمالي يشاركني الفرحه ويشاطرني آلامي . اكملت العوده لأزف لاهلي خبر وصولي ونجاحي وتفوقي في دراستي ، وازف لهم خبر وظيفتي الجديده .

واخيرا وصلت واخذت اطوي الامتار لا اعرف لهذه اللحظات من وصف او تعبير ام ربما هي اجمل واصدق مشاعر شعرت بها ، اقدامي تسبقني واخيرا يطل بيتنا الصغير المتواضع بحلته العتيقه يحمل في طياته عبق المكان عبق الزنبق والياسمين ، عبق الاصاله ،  كنت ما ازال اسمع في الافق البعيد صوت ابي وامي واخي واختي وها انا اقف على باب بيتنا ويداي تتسارعان من منهما تريد ان تكون اول المبشرين فتدق دقات خفيفه ليفتح هذا الباب ويظهر من خلفه الاخ الصغير هو لم ليبقى صغير بل كبر وصرخ صرخة الاخ المحب المتفاجئ بقدوم اخيه من الغربه بعد فراق طويل ، وما ان سمعوا باقي عائلتي صرخته حتى تراكضوا وتدافعوا الى مكان الملتقى ، ما اجمل ان ارمي بجسدي  وبراسي الى اجمل واحن واطهر صدر عرفته في حياتي لقد ارتميت بحضن امي الحبيبه ورميت براسي الى صدرها الذي طالما تمنيت ان يضمني عندما كنت بعيد في غرفة ووحشة امرض ساعه واجوع ساعه واتوحش لوحدتي ، رميت راسي الى صدرها الذي طالما حملني ودفني بصغري واشعرني بالدفيءوالامان اشم رائحة امي لا اعرف كم اسغرقت من وقت ولكن عندما استيقظت واسترجعت قواي ونظرت حولي وجدت ابي هذا الرجل العجوز ينظر الي ويمسح بيده على راسي وقد اغرورقت عيناه بدموع الفرح والسعاده كنت انظر اليه وكأن بي انظر الى جبل شامخ لا يبالي من أحافير السنين والايام العاكسه على وجهه وجسمه هذا هو أبي صخرة قوية في وجه الموج  عال كان او بسيط ابتسامته لا تفارق وجهه تمدنا بالقوة وبالحياه . واما اختي فقد تلفت يمينا وشمالا فلم اجدها وعندما هممت بالسؤال وجدت امي تطمئنني فهي ام وتقرأ أفكاري وتحس بي ، فأخبرتني انها تزوجت قريب لنا .

هكذا مرت الساعات جميله مع اهلي اخبرتهم عن اخباري وعملي الجديد وكم سعدوا فقلبهم راض عني والحمدلله ، وفي اثناء اليوم وبعدما اسدلت الشمس بثوبها الثالث والأخير معلنة قرب انصرافها وقبل ان تغوص الضيعه في ظلام دامس واذ بدقات خفيفه على الباب وما ان فتحت الباب حتى يطل منه نفس الوجه ، نفس البنت الحوريه بل هي بطولها وجمالها ، نعم انها هي لقد رأيتها من قبل لقد رايتها خلف النافذه ، هي يا إلاهي وهل انسى هذا الوجه الملائكي هي نفسها يا إلاهي ولكن كيف هل يمكن ان يصدق هذا ام إختلط علي الامر فلقد لجم لساني ، سمعت صوت امي تناديني تسألني عن الزائر وانا اريد ان اصرخ واقول انها هي ولكن لساني عقد ولا استطيع ان انطق ببنت شفه ، لقد حيتني الزائره ولكنني لم  أجب فقط  استطعت وبخطى ثقيله جدا ان اترك لها المكان لتدخل . قلبي يقول لي

انها هي الحوريه وعقلي يقول لي تشجع لا تتهور هل جننت هل هي ام صدفه ام انها حلم فلا اجد لاسئلتي الكثيره إجابه ففضلت السكوت وانتظار الآت علها تكشف هويتها . ياإلاهي لا اعرف من هي وما هويتها واي ريح طيبه حذفتها لأجدها بقربي وبدون صعوبه ، كم حلمت وكم تمنيت ان اصادفها ولو لمرة . وما ان اخذت مكانها بالجلوس بين اهلي وقد كانت امي قد احضرت لها فنجان شوكولاته بالحليب ليدفئها مع هذا البرد القارص حتى اتجهت امي بالحديث إلي وقالت انها ابنة عمك واسمها زينب

انت لا تذكرها فقد كنتم صغار وكانت هي تسكن المدينه ونحن هنا بالضيعه ولكن وقد فقدت أباها ولن يبقى لها احد بالمدينه ففضلت العوده والعيش في بيتها القريب من بيتنا . ياإلاهي كم هي صغيره هذه الحياه فمن زمن ليس ببعيد ألتقي بها ولا أجرأ ان أحادثها واليوم هي في بيتنا اجلس معها وأحادثها فما احلى هذه الصدفه البعيده القريبه . نعم فما اغرب الحياه تفاجئنا بأحداث تكون بالنسبه لنا جميله احيانا وتعيسه أحيانا اخرى  . ولكنها تكون دائما أغرب من الخيال .  فها هي الحياه تنسج لي مستقبلي وترسم لي خطواتي مع الصدفه التي تمنيت يوما ان احادثها ولكن القدركان كريما جدا معي فلقد اختارها لي لتكون حبيبتي وشريكتي بأحلامي وآمالي ومستقبلي .



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات