مهرجان جرش
من يتذكر بدايات مهرجان جرش خاصة من أتيحت له فرصة التجول عبر الساحة الرئيسية وشارع الأعمدة والقبو يترحم على تلك الأيام والتي كنا نرى فيها الفرق الراقية والعروض التراثية المتمثلة بالخبز وصناعة الفخار ولوحات الفسيفساء ومعرض الكتاب وغيره وغيره من تراثنا العريق ،إلا أن هذه الرسالة بدأت بالتراجع لاهثة وراء الصورة الجماهرية الرخيصة لمن ينعتون بكبار الفنانين والفنانات والتركيز الإعلامي على هذا الجانب من قبل إعلامنا عامة خاصة المرئي منه، وعلى الجانب الآخر كان الإعلام المضاد يسعى وبكل الوسائل الأخلاقية وغير الأخلاقية على تشويه الصورة العامة للمهرجان دون النظر الى أي إيجابية كانت أو العمل الجاد لإحداث التغيير لتتشكل صورة نمطية من أسوء مايمكن أن يكون فأصبح المهرجان بؤرة فسق ورذيلة في ذهنية الكثيرون ممن لم يصلوا اليه في أكثر الأحوال وإنما من خلال الإعلام الذي لم يكن أمينا على نقل الحقيقة كاملة سلبا وإيجابا،كما وتتحمل الإدارات الكم الأكبر من وزر هذا لعدم متابعتهم لما يجري وتدقيقهم في طبيعة الشعب الأردني وإهتماماته.
لكل ما تقدم وبرغم التوجه الجاد الجديد لإدارة المهرجان ودفعها بذلك الكم الكبير من الفعاليات الثقافية وإشراك أبناء المحافظة في الإعداد والتقديم بنسبة جيدة إلى حد كبير إلا أنه لا زال هناك تغييب لإصحاب الكفاءة والخبرة في جانب وضع إستراتيجيات رسالة المهرجان الحقيقية وسبل تحقيقها لنرى ثبات الصورة النمطية السيئة في ذهنية المواطن الأردني.
إن ما نريده من مهرجان جرش أن يكون الوعاء الأكبر الذي يتسع لكل المكون الأردني بكل توجهاته وايدلوجياته ضمن المعايير الأخلاقية والدينية التي يحترمها ويجلها والمتمثل بالفن الراقي المحترم والثقافة الواعية التي تعي مصلحة الوطن والمواطن،نريد من مهرجان جرش أن ينتظره المواطن الفقير ليكسي أبناءه ويؤثث بيته ويخزن مونته من منتجات هذه المحافظة العريقة في كلها ولماذا لا يكون في ايامه سوقا حرة معفية الضرائب على غرار العقبة ولن تخسر الدولة شيئا في هذا إذا ما أحسن في وضع القوانين والأنظمة الناظمة لهذا الفعل، نريده سوق عكاظ للشعر والأدب والقصة والرواية،نريده أن يشمل ساحة يطلق عليها إسم ساحة الحرية يقف من يشاء ليقول ما يشاء،نريده ان يشتمل على ايام شبيهة بتلك التي اقامتها مديرية أوقاف جرش التي انارت سماء جرش بأنوارها وعطرت عبير جرش بأريجها.
نعم نريد صياغة جديدة لرسالة مهرجان جرش ورسالة جديدة بيضاء مشرقة لمعارضي مهرجان جرش بعيدة عن التجييش الأعمى والتحشيد المدمر وليكن الحوار الهادف الراقي سبيل تفاهمنا بلا احكام مسبقة ولا فتاوى مفبركه،ولنرتقي بألفاظنا عن الشتم والقدح والتحقير ، فالحقيقة ليست حكرا على أحد كان، والوطن ملك الجميع.