تكنولوجيا في خدمة التخلّف!

تم نشره الإثنين 16 حزيران / يونيو 2014 12:37 صباحاً
تكنولوجيا في خدمة التخلّف!
خيري منصور

للتخلف عبقريته السلبية وذكاؤه الشرير الذي يحول النافعة إلى ضارة والرافعة إلى عقبة، وقدر تعلق هذا بالمنجز التكنولوجي، فقد استطاع التخلف وضع التكنولوجيا في خدمة الخرافة والنميمة، مثلما حول منجزات كالهاتف كان هدفها توفير الوقت والجهد إلى أدوات شيطانية هدفها تدمير الوقت وملء الفراغ بما هو أشد فراغاً منه.
وآخر مبتكرات هذا التعامل العربي مع التكنولوجيا الغش في امتحانات الثانوية العامة كما حدث هذا الأسبوع في مصر، فقد تسربت عبر الهواتف النقالة والفيسبوك أسئلة الامتحانات في عدة مواد، كان آخرها امتحان الفيزياء مما اضطر وزارة التعليم إلى استبدال أسئلة، وإلغاء امتحانات والحبل على الجرار!
إن كل منجز علمي له وجهان ووظيفتان احداهما تدميرية والأخرى بنائية، وعلى سبيل المثال هناك أدوية مأخوذة من السم لكن بنسب مدروسة بعناية وشعار الصيدليات هو أفعى تتلوى في كأس وليس ملعقة عسل!
والعلم الذي قدم ما يشبه المعجزات في مجال الطب وأنقذ البشرية من أوبئة كانت لولاه تؤدي إلى الانقراض قدم أيضاً أسلحة مدمرة، وأدوات تعذيب ووسائل للتجسس وانتهاك حريات الناس والعبث بمصائرهم. لهذا فإن العلم لأجل العلم فقط يحذف من هذا المنجز الحضاري العظيم بعده الأخلاقي وما تعلمناه في الصغر مختصراً في عبارة من جد وجد تحول بفضل فارض التخلف والجهل إلى من هدَّ وجد..
إن جذر الداء في هذه الظاهرة وكل ما يشبهها في حياتنا هو أن المستهلك المحترف لا ينكر على الإطلاق بذهنية المُنتج، سواء تعلق هذا الإنتاج بالسلعة أو الكلمة والمفهوم المعرفي.
والمستهلك يحصل بسرعة فائقة على ما يريد من كل منجزات التكنولوجيا الحديثة لكنه محروم من الحصول على نمط التفكير الذي ابتكر تلك المنجزات وصاحبها!
ويخطئ من يتصور أن التخلف عاطل عن الصناعة، لأن صناعته الكبرى مأخوذة من مادة خام لا مثيل لها وهي الجهل وبذلك يكون هذا التصنيع أشبه بإفراز السم، وجعل كل الديناميات سالبة، انه ميداس الاغريقي الذي قالت الأسطورة أن كل ما كان يلامسه يتحول إلى ذهب، لكنه بعد أن ترجم إلى العربية أصبح يحول كل ما يلامسه من ذهب إلى رمل!
واستمرار الاستخفاف بالتحليل العلمي لهذه الظواهر هو تكريس وترسيخ لكل ما هو سلبي بل هو تغذية للتخلف هذا الحيوان العجيب العملاق الذي يسيل لعابه على الكتاب ليأكله وليس لكي يقرأه وعلى المنجز التكنولوجي لتوظيفه عكسياً وليس لاستثماره من أجل حياة أقل شقاءً!

(الدستور 2014-06-16)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات