«الطرقات الخارجة على القانون»

تم نشره السبت 21st حزيران / يونيو 2014 12:30 صباحاً
«الطرقات الخارجة على القانون»
سمير عطا الله

اثنان من عمالقة القرن الماضي، من أوائله إلى أواخره. البريطاني غراهام غرين، والمكسيكي أوكتافيو باث. كلاهما كتب في الرواية والبحث والمسرح، وزاد عليها باث أجمل الشعر: «عندما يصغي المرء إلى نقاط المطر». كلاهما سافر في العالم؛ الوعر منه أو الشديد الوعورة. باث سافر إلى الهند، وغرين طاف في أدغال أفريقيا قبل وصول الطرقات إليها. وسافر غرين أيضا إلى المكسيك لكي يكتب «الطرقات الخارجة على القانون». أما باث فقد كتب عن البلاد نفسها «متاهة العزلة». تحفته الأخرى. كل عمل آخر كان تحفة.

أتذكرهما الآن وأنا أتابع الهمجيات المتبادلة في العراق وسوريا. أتذكر تماما «الطرقات الخارجة على القانون»، أما «متاهة العزلة»، فكأنك تقرأ اليوم مشهدا من العراق: «كانت الثورة عودة إلى الماضي، الجمع بين الروابط التي حطمتها ديكتاتورية دياز والإصلاحات، أي نوعا من البحث عن أنفسنا والعودة إلى الرحم الأمومي. لذلك، كانت أيضا مهرجانا. (مهرجان الرصاصات) كما قال مارتن لويس غوزمان. ومثل جميع مهرجاناتنا الشعبية، كانت الثورة إفراطا وتبذيرا وذهابا إلى أقاصي الحدود، انفجارا من الفرح واليأس، صرخة من اليتم والابتهاج، الحياة والانتحار.

ثورتنا هي الوجه الآخر للمكسيك، يتجاهلها الإصلاحيون، وينصّها الديكتاتور. ليس وجه الود، بل الوجه الوحشي للموت والمهرجانات، الإشاعات والمدافع، الاحتفال والحب، أي الاغتصاب ورصاص المسدسات. ليست الثورة أفكارا. ومن تناجي المكسيك في هذه الثورة الدموية؟ إنها تناجي نفسها وكينونتها».

أحب أن أعترف بأنني بقدر ما أرتعد من الطغيان والاستبداد وظلم الفرد، كذلك أشعر حيال الثورات الدموية عبر التاريخ. فرنسا المتقدمة لم تكن نتيجة الثورة الفرنسية. وروسيا المتطورة لم تكن نتاج الثورة السوفياتية. والصين المذهلة ليست نتاج الثورة الثقافية التي أطلقها ماو وزوجته على العاقلين من رفاقهما.

أفسدت الثورة العربية عندما دخل عليها الدمويون ومطربو العنف. أصبحت تشبه، في وجوه كثيرة، مكسيك القرن الماضي، تلك التي وصفها باث في «متاهة العزلة» وغراهام غرين في «الطرقات الخارجة على القانون».

(الشرق الأوسط 2014-06-21)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات