النواب وقانون الأحداث وجرائم الشرف في الأردن
حسنا فعل مجلس النواب عندما أبطل موافقة كان قد صوت عليها باعتبار الطفل ابن السبع سنوات خاضعا للمحاكمات الجزائية .
طفل السابعة يخضع للمحاكمات الجزائية ، وبموافقة أغلبية مجلس النواب، كان مسخرة المساخر التي لا يجوز أن تتكرر ، ولقد تابعت الفيديو الذي بثته المدينة نيوز ، والسجال الذي جرى بين رئيس المجلس المهندس الطراونة وبين المحامي الدغمي ، والذي انتهى بانتهاء الجلسة وإبطال مذكرة نيابية موقعة تطالب بإعادة التصويت .
كان الذين وافقوا على المادة التي تجعل ابن السابعة خاضعا للمحاكم الجزائية يدفعون باتجاه آخر لا علاقة له بطبيعة المادة ولا بالقانون حتى ، ذلك أن تبريرهم انصب حول جرائم الشرف ، وضرورة مكافحتها - وهذه المرة - بالأطفال الأردنيين أبناء السابعة فما فوق :
دفع هؤلاء بأن الأب أو الأخ الذي يجبر طفله على قتل شقيقته بداعي الشرف وينتهي الأمر عند المقبرة ،لا يجوز أن ينجو بفعلته ، على اعتبار أن القاتل طفل لا يعي ما يفعل وأجبر على ما فعل ، وبعد التحقيق وإثبات أن الطفل هو القاتل وليس الأب أو الاخ أو العم أو غيره ، تنتهي القضية هنا ، وكأن شيئا لم يكن ، ومن أجل ذلك ، صوت النواب على تخفيض سن الطفل الخاضع للمحاكمات الجزائية إلى سبع سنوات بدل اثني عشر عاما ، كما ورد في قرار اللجنة المختصة ، وذلك من أجل ردع الأب والشقيق والعم ، فيعرف الأب - مثلا - أن ابنه ذا السبع سنوات سيلاحق جزائيا فيكف عن تحريضه وبالتالي ارتكاب جريمته .
إلا أن الذين دفعوا باتجاه رفض هذه السن " السابعة " اعتبروا أنه ما من قانون في العالم يخضع ابن السابعة للمحاكمات الجزائية ، ناهيك أن الأردن وقع على اتفاقيات دولية بخصوص حقوق الطفل وغيره ، تلزم - ضمنا - بعدم تخفيض السن لهذا العمر، وبالتالي ، فقد وقعوا مذكرة تطالب بإعادة التصويت على المادة ، وبالفعل أعيد التصويت ، وأعيدت السن التي تخضع للمحاكمات الجزائية إلى اثنتي عشرة سنة .
الذي أريد أن أصل إليه هنا : أن كثيرا من النواب ، وعندما يناقشون أمرا ما ، يعتقدون بأنهم في الغرف المغلقة ، أو أن أحدا لا يسمعهم ، مع أن التصويت على المادة المذكورة كان خلال أيام حديث الأحاديث في بعض البرلمانات العربية ووسائل الإعلام المختلفة ، بل إن النواب صوروا الاردن وكأنه " مسلخ " يذبح فيه يوميا عشرات النساء والفتيات ، وبأنه يشهد يوميا جريمة شرف ، مع أن معدل جرائم الشرف في البلد ليس كما يصورها البعض ، حيث لم تقع خلال العام الفائت سوى أربع جرائم ، والذي سبقه ثلاث جرائم ( يفترض في بلد متحضر أن لا تقع أي جريمة بالأساس ) والأمر لا يستدعي أن نشوه صورة بلدنا ونصوت على قضايا لسنا وحدنا المعنيين فيها ، بل منظمات الأمم المتحدة والطفولة والحكومات.
لقد حاول النواب أن " يكحلوها فـ " أعموها " !.
القضاء على جرائم الشرف لا يكون بتجريم الأطفال وإلقائهم خلف القضبان ، أيا كانت : دور أحداث أو غيرها ، بل يكون بالعلم والتوعية وبالإستراتيجية الوطنية الشاملة ، وأخيرا بالردع ، واعتبار القاتل قاتلا سواء أقتل بسبب الشرف أم بسبب القرود .
د.فطين البداد
fateen@jbcgroup.tv