هذه ( الدواعش) تهدد بلدنا ..!!

تم نشره الأربعاء 09 تمّوز / يوليو 2014 06:08 صباحاً
هذه ( الدواعش) تهدد بلدنا ..!!
حسين الرواشدة

قلت في هذه الزاوية أمس : ان ( داعش) لم تخرج من رحم ( الاسلام) الصحيح المتعافى وانما خرجت من ( بطن) الاسلام المجروح و المريض، كما انها لم تكن افرازا ( للعروبة) النظيفة المتحررة من عقدة ( الهوية) وفتن الطائفية وانما كانت افرازا ( للعروبة) المقهورة التي ازدحمت فيها صور الشعور بالاهانة و الانحطاط و التسفل الحضاري.
اردت التذكير بذلك للاشارة الى مسألتين : احداهما ان (داعش) واخواتها الناشطات في (مونديال) التطرف، لايمكن اختزالها في ( تنظيم) أو حتى في (وهم) دولة نسبت نفسها الى (الخلافة) ولو كانت كذلك لكان من الممكن القضاء عليها بسهولة، لكن المشكلة أننا امام ( فكرة) تطورت الى (ظاهرة) ووجدت من المعجبين من يصفق لها، ومن (الاتباع) من ينخرط فيها عن سابق اقتناع، أما المسألة الاخرى فهي ان خطر هذه (الظاهرة) لا ينحصر في امكانياتها العسكرية و لافي قدرتها على التمدد و الانتشار، وانما ايضا في توافر ( التربة) المناسبة لاستنباتها ونموها، و التربة هذه فيها خليط من العناصر الجاذبة، وابرزها القهر و الخوف و اليأس وفقدان الثقة بالحاضر و المستقبل و الاحساس بالخيبة و المرارة من البدائل الموجودة و المطروحة ومن موت السياسة ايضا.
صحيح ان (داعش: الدولة الاسلامية لاحقا) لا تهددنا كتنظيم عسكري، وأن التصريحات التي تبالغ في ذلك تهدف الى توريطنا في مواجهة لسنا طرفا فيها، و لا مصلحة لنا في اقحام أنفسنا بها، لكن الصحيح ايضا ان خطر ( داعش) الفكرة حين تتقاطع مع ( التربة) التي خرجت فيها ، لا يمكن التهوين منه، ولا غضّ البصر عنه، وحين أقول داعش الفكرة فأنا اقصد العوامل و الاسباب التي انتجت هذه (الظاهرة) وفي مقدمتها الفقر و القهر و غياب العدالة و انسداد السياسة، فهذه كلها تشكل حواضن طبيعية لميلاد (التطرف) وملاذات آمنة لاستيطانه وانتشاره، ووسائل (اعلام) مجانية للترويج له ومنحه مايلزم من شرعية.
اذن، داعش التي نخشاها لا علاقة لها (بالبغدادي) و لا بأمير المؤمنين الخليفة ابراهيم، وانما لها علاقة وطيدة بانحباس مطر الاصلاح ورداءة طقس العمل السياسي، واحساس الناس بهبوط الهمة و انقطاع الامل وتردي الاحوال النفيسة و الاقتصادية، من هذه الجهة ، تتحول ( داعش) بكل ما تتضمنه من عناوين (للتطرف) و القتل و المؤامرة من مجرد (تنظيم) يمكن محاصرته و القاء القبض عليه الى (مصدر) الهام وانقاذ للكثيرين من الشباب الذين ضلت اقدامهم طريق الامل، و تصحرت نفوسهم بفعل انعدام نصيبهم من الحياة الكريمة، وهنا مصدر الخوف و الخطر، واخشى ما أخشاه ان يكون ( التطرف) الذي نصبنا له تمثالا في معظم اقطارنا العربية كفزاعة للتخويف، أو ( كمعلم) لجذب السياح واثارة اعجابهم بما انجزناه على صعيد مكافحته، ان يكون هذا التطرف الذي استحضرنا ( عفاريته) قد أصبح عصيا على الطرد، وقويا بما يكفي لتهديدنا في اية لحظة.
أهم ما يمكن ان نصارح به اخواننا الذين يطمئنونا على عدم وجود اي خطر ( لداعش) على امننا الداخلي، هو أننا فعلا قادرون على مواجهة ذلك التنظيم اذا ما امتدت ايديه الينا، لكننا نريد ان يطمئنونا - ايضا- على انهم قادرون - فعلا- على مواجهة ( دواعش) عديدة تطل برأسها علينا: داعش الفقر و الغلاء الفاحش، وداعش العنف الذي تزايدت حوادثه في بلادنا، وداعش تراجع قطار الاصلاح الذي يهدد سكة السلامة في وطننا،و داعش الانسداد السياسي الذي يريد اعادة عقارب الساعة الى الوراء، و دواعش الوجوه التي تكرر حضورها وكأنها تدفع الجمهور الى الاعتراف بالهزيمة أمامها في جولة الاصلاح والتصفيق لها بالاكراه.
الاهم من كل هذه ( الدواعش) و الفواحش هو ان نعترف بأن من يستحق ان نرفع له ( السلام) و نبادله التحية بأحسن منها هو : الناس، هؤلاء الذين خرجوا من امتحان ( الكفاءة) الوطنية بنجاح وتفوق، واثبتوا ان معدنهم اثمن من الذهب، ليس خوفا و لاطمعا، وانما لانهم يحبون بلدهم، ويحرصون على سلامته، وكان من اللازم ان يخجل بعض الذين يتسابقون في ميدان البحث عن (الغنائم) من محاولات ( تلميع) انفسهم واثبات نظريتهم في هزيمة ( الاصلاح)، لانهم يعرفون تماما ان ( البطل) الحقيقي الذي حافظ على البلد و جعله ( استثناء) و محصنا من أية عواصف هو الشعب الاردني... هذا الذي يجب ان نراهن عليه دائما... وأن نسخر انفسنا لخدمته... لا أن نجامله بالوعود... أو نقابله بالنكران.

(الدستور 2014-07-09)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات