إفطار النقابة تبذير وتحذير
لقد قامت نقابة المعلمين لخدمة المعلم ، والارتقاء بمهنته ، وتعزيز مكانته الاجتماعية ، وتحسين مستواه المعيشي ، واستقراره الوظيفي ، وتطوير العملية التربوية بالتعاون مع مؤسسات الدولة ، وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم ، ولم يكن من ضمن أهدافها الرعاية الاجتماعية لأي فئة في المجتمع ، أو تقديم طرود المساعدات ، وموائد الرحمن للمحتاجين والأسر العفيفة ، ولا إقامة الولائم والدعوات للمسؤولين والأحباب والأصحاب .
إن ما يقوم به مجلس النقابة انحراف عن أهداف النقابة ورسالتها ، وإضاعة للوقت والجهد ، الذي يجب أن يستغل في تحقيق رسالة النقابة التي بينها قانونها ، وفصل جزءا منه نظامها الداخلي ، وهدر لأموال النقابة في أعمال لا تخدم المعلم ، ولا العملية التربوية ، لا سيما وأنكم تفتحون بابا لن يغلق ، وتستنون شرعة لن تترك ، ونحن أحوج ما نكون إلى المحافظة على أموال النقابة ، واستثمارها ، لبناء مشاريع تعود على المعلم بالنفع والخير .
وأتساءل مستغربا ، ما الغاية من الدعوة ؟؟!! فإذا خطر ببال أحد منكم أن المدعوين الذين لا أعرفهم سيخدمون النقابة ، فقد أخطأ سهمهم ، وخاب ظنهم ،فالمسؤولين ابتداء برئيس الحكومة ، ومرورا بوزير التربية والتعليم ، وانتهاء بمديري الدوائر في الحكومة مجربون ، ومعروفون لا عهدا لهم ولا ذمة ، فهم لا يضيئون لك شمعة ، لا بل يطفئون شموعكم إن اتقدت ، وربما يقيمون حفلة سمر على نقابتكم إن احترقت ، ولو أضأتم أصابعكم مشاعل في ليلهم لبتروها ، ولن تكونوا أعز عليهم من الوطن ، الذي تربوا على أرضه ، وأكلوا خيره ، وعيونهم على غيره ، حيث فللهم الجميلة في أوروبا ، العامرة بالغانيات ، وموسيقى الديسكو والراب ، فدينهم ضعيف ، وفكرهم سخيف ، وأكلهم عذب ،ولا يملح لهم زاد ، وسيأكلونكم لحما ، ويرمونكم عظما .
أما إن كانت الغاية عمل الخير والإحسان في هذا الشهر الكريم ، فهذه جهالة ما عهدتها ، فما هؤلاء الذين يستحقون الدعوة ، وما هؤلاء الذين يكتب لكم الأجر عليهم ، وهم متخمون بطنا شربا وأكلا ، ومتخمون عقلا فسقا وجهلا ، ومتخمون عملا ظلما وجورا ، واتخموا الوطن بفسادهم وإفسادهم ، وما عملكم هذا إلا مباركة لقبيح أعمالهم ، وكان الأولى بكم لو كنتم تبغون وجه الله ، ويهمكم رضاه ، أن تبحثوا عن الأيتام والفقراء الذين لا يعرفون الطبخ ولا النفخ ، ويعيشون على فضلات مدعويكم التي يلقونها في الحاويات ، وتوزعوا عليهم طرود الخير بحق وعدل ، لا كما تفعل الأوقاف والجمعيات الخيرية ، المتاجرين بكرامة المحتاجين ، وعفة المساكين ، وعندها لن نعترض عليكم ، أو لعلكم عمدتم إلى مسح شامل للمعلمين الذين لا يصلون نهاية الشهر إلا بشق الأنفس ، لكثرة التزاماتهم ، فقدمتم قسطا جامعيا ، أو حقائب قرطاسيه ، أو ملابس العيد لأبنائهم ، وعندها سنبارك جهودكم ، وربما دفعتم بعضنا لمشاركتكم ودعمكم ، ومباركة جهودكم .
أما وقد كثر الحديث عن هذه القضايا ، وغيرها مما لا أريد الخوض فيها ، وأصبحت أموال النقابة سبيلا يتناول منه كل عابر طريق كما يصور كثير من المعلمين ، ودقوا بينهم عطر منشم وارتفعت أسنة الخصام بين كثير منهم ، فإننا نرجو أن يقف الأمر عند هذا الحد ، ونحذركم من الاستمرار في هذا النهج مع أموال النقابة ، حفاظا على متانة نسيجنا المهني ، وصونا لمشاعر الأخوة والزمالة ، ونبتعد عن تقليد الآخرين في أفكارهم ، واحتفالاتهم ، واهتماماتهم ، ونكرس جهدنا ووقتنا ومالنا للتفكير فيما ينفع المعلم وأسرته ، ويعينه على مواجهة أعباء الحياة ومتطلباتها ، فقد عول المعلم كثيرا على نقابته ، فلا تخيبوا ظنه ، وتضاعفوا همه ، ولتكن هذه نقطة بداية النهاية ، والله من وراء القص