أوراق إيرانية

تم نشره السبت 12 تمّوز / يوليو 2014 12:39 صباحاً
أوراق إيرانية
منار الرشواني

رغم سنوات مديدة من عمليات التفتيش الدولي، زادت على العقدين على الأقل، لم تُبق حجراً على حجر في العراق، ووصلت حتى إلى قصور صدام حسين؛ فاجأت حكومة نوري المالكي العالم بإعلانها، قبل أيام، عن امتلاكها 2500 صاروخ محملة بغاز الأعصاب القاتل "السارين"، وذلك بعد أن سيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)! وإذ تراوح رد الفعل الدولي بين التكذيب أو القول بعدم صلاحية هذه الصواريخ للاستخدام، فقد كان من الضروري اختراع فزاعة أشد "مصداقية"، تتمثل في سيطرة "الإرهابيين"، والذين يقصد بهم حتماً كل الثائرين العراقيين ضد الحكم الطائفي، على 40 كيلوغراماً من اليورانيوم كانت موجودة في جامعة الموصل لأغراض البحث العلمي المشروع.
هكذا يبدو ممكناً توقع مسارات الحرب لا في العراق فحسب، بل وأيضاً في سورية، بعد أن نجح "داعش" في تجسيد شعارات حزب البعث بإزالة الحدود بين البلدين، ومن دون إنكار دور هذا الحزب في تحقيق هذا "الإنجاز".
فاليوم، ومع اختلاط الأوراق، سيكون كل سلاح قذر محتمل الاستخدام ضد المواطنين العراقيين، كما ضد السوريين، من دون تحديد الجاني، بعد أن صارت الأسلحة الكيماوية خصوصاً متوفرة للجميع، إرهابيين وأنظمة! وإذا كان بشار الأسد قد حاول دون طائل اتهام الثوار السوريين بمجزرة الغوطة التي استخدم فيها غاز السارين؛ فقد صار هو والمالكي اليوم قادرين على استخدام الأسلحة الكيماوية، بثقة أكبر بعد إمداد "داعش" بها؛ بفضل سياساتهما إن لم يكن بتواطئهما الصريح. أما الهدف النهائي، فهو بقاؤهما في السلطة بأي ثمن، أو للدقة بكل ثمن.
لكن هذا الهدف يبدو ذا دلالة بليغة في حالة المالكي تحديداً. فرئيس الوزراء العراقي الذي خسر الموصل وكركوك وكردستان، في أيام فقط، وخسر معها حلفاؤه الشيعة وعلى رأسهم المرجعية الأعلى علي السيستاني، يبدو مصراً تماماً على عدم التنازل عن السلطة. وليس سراً أن سبب ذلك، رغم فداحة فشل المالكي وعزلته، هو استمرار إيران في تأييده، وهي التي صارت تتحكم بالعراق منذ الغزو الأميركي في العام 2003.
وإذا كان هذا يكشف، بداية، عن حجم الاستهتار الإيراني حتى بحلفائها الشيعة في العراق، فإن الأهم هنا عبر رفض طهران اختيار بديل للمالكي من بين هؤلاء الحلفاء الكثر، هو الاعتراف عملياً، وبشكل لا لبس فيه، باستخدام العراق ككل محض ورقة إيرانية للمقايضة إقليمياً ودولياً، بغض النظر عن الثمن الذي يدفعه هذا البلد ومواطنوه بكل عرقياتهم وأديانهم ومذاهبهم؛ تماماً على النحو الذي جرى ويجري في سورية منذ ما يزيد على ثلاثة أعوام، حيث القتل والتدمير هو البند الوحيد المنفذ من برنامج "إصلاح" ما أفسده الاستبداد على مدى أكثر من أربعة عقود.
رغم كل ذلك، فإن تجلي أبعاد الدور الإيراني بهذا الشكل في العراق خصوصاً، قد يكون فرصة عربية لاستدراك ما فات، عبر خلق بديل عربي لهذا الدور المدمر، والذي لن يقتصر حتماً على سورية والعراق واليمن في حال لم يتم ردعه عربياً، إصلاحا داخلياً وحضوراً إقليمياً حقيقياً.

(الغد 2014-07-12)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات