الموقف الأردني الممكن

تمتلك الأردن فرصة ثمينة ومناسبة في ظل الظروف العربية الراهنة لصياغة موقف قيادي نشط إزاء العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة ، تستطيع من خلالها صياغة موقف عربي كبير، يرتكز على مجموعة ركائز سياسية وإعلاميّة عادلة ، قادرة على التأثير في الرأي العام العالمي، والمؤسسات الدولية، من اجل التحرك الفاعل باتجاه حماية المدنيين الفلسطينيين العزل .
انشغال الاقطار العربية الكبرى بنفسها، وما يجري على مختلف الساحات القطرية من حروب داخلية، واقتتال طائفي ومذهبي، أسهم إسهاماً كبيراً بإضعاف الموقف العربي، الضعيف أصالة، ولكن زاده وهناً على وهن، وحال دون امكانية صياغة موقف سياسي عربي مؤثر وفاعل على الساحة الدولية, وقادر على وقف العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني, ولكن هذا يزيد من عبء المسؤولية على الأردن, التي تتمتع ببعض الاستقرار النسبي, والمكانة الدولية المقبولة, خاصة أن الأردن يحتل مقعداً في مجلس الأمن, الذي يحتم عليه ملء هذا المقعد عن طريق دبلوماسية دولية نشطة, ويحتم عليه تفعيل دوره السياسي الإقليمي والعالمي, وأن يكون سباقاً لاجتراح المبادرات المقبولة لوقف العدوان الصهيوني.
الفرصة متاحه أمام الأردن لإعادة بناء صورة الأردن الكبير الذي يسهم بإعادة التضامن العربي وتأسيس الموقف العربي المشاهد والمسموع . من خلال استثمار ما يتمتع به الأردن من سمعة وعلاقات طيبة, في ظل الإجماع العربي الرسمي والشعبي على نصرة القضية الفلسطسنية المرتكز على موقف شعبي جماهيري واسع يمكن تنميته وتعزيزه وزيادة فاعليته وأثره .
القوى السياسية و الحزبية الأردنية يمكنها أن تمارس دوراً أكثر اتساعاً وشمولاً, من خلال الاتصال مع القوى السياسية العربية. والدعوة الى حراك جريء متسق بالتعاون مع القوى المغربية والتونسية واللبنانية والسودانية, نحو صياغة موقف شعبي موحد قادر على مخاطبة القوى الحية في العالم وقادر على تسليط الضوء على الحدث في غزة، من أجل امتلاك القدرة على إحداث أثر ملموس وفاعل في الرأي العام العالمي عن طريق توضيح الصورة الحقيقية للعدوان، ومواجهة آلة الكذب والتزييف الصهيوني الذي يعتمد قلب الصورة وتزييف الحقائق.
الشباب والقوى الطلابية، والحركات الاجتماعية والفاعلين في مجال التواصل الاجتماعي يمكنهم أن يقوموا بدور أكثر فاعلية من خلال امتلاك المهارة في نقل الحقائق بطريقة ذكية ومؤثرة تقترب من المهنية ولمس حاجات المخاطب، حيث أن وسائل التواصل الاجتماعي قد أصبحت تشكل وسيلة مؤثرة وفاعلة في صياغة الرأي العام بالإضافة الى الدور السياسي الداخلي النشط وصياغة موقف داخلي صلب بشكل علمي مدروس.
عندما ينسجم الموقف الرسمي مع الموقف الشعبي والحزبي يشكل ذلك خطوة مهمة وكبيرة نحو المستوى الفاعل والمؤثر على الصعيد المحلي والإقليمي والعالمي، ما يحتم على جميع الأطراف البحث عن اللغة المقبولة في الخطاب، والأسلوب الأكثر ذكاء وتأثيراً في العقل والعاطفة، والبعد عن لغة التخوين والشتم، والبعد عن الفظاظة والغلظة في الخطاب، التي تعكر صفو العلاقات وتثير قدراً كبيراً من الطاقة السلبية، التي لا تخدم القضية، ولا تخدم الحقيقة ولا ترفع الظلم ولا تقيم العدل.

(الدستور 2014-07-16)