من أجل التخويف إلى جانب الشيطنة

تم نشره السبت 16 آب / أغسطس 2014 01:07 صباحاً
من أجل التخويف إلى جانب الشيطنة
ياسر الزعاترة

ما تعرضت له جماعة الإخوان المسلمين هنا في الأردن خلال الأيام الماضية من ردح لا يختلف كثيرا عن جولات مشابهة ما زلنا نتابعها منذ النصف الثاني من الثمانينيات، أعني حملات الردح الجماعية. أما الفردية فتتوافر بشكل دائم، وتتصدرها أسماء معروفة تشعر أن لها ثاراتها الخاصة مع الجماعة، وربما تجد في الهجوم عليها مادة تثير القرَّاء، وربما لكتابة المقالات، إذ لا يحتاج الأمر إلى فكرة ذات قيمة، بقدر ما يكفي أن تستعيد ما يُنشر هنا وهناك من قصصة الشيطنة التي يتوافر منها الكثير في الكتب والصحف ووسائل الإعلام.
لا حاجة لتعداد الأسباب التي تدفع الجهات المعنية إلى النفخ في الصافرة من أجل إطلاق تلك الحملات، فهي معروفة، وتنتمي إلى ذات المعادلة التي تحكم العلاقة بين قوى المعارضة وبين السلطة، بخاصة في العالم الثالث، فكلما حاولت قوة ما رفع رأسها والحصول على ثقة الشارع، فضلا عن المنافسة على كعكة السلطة، تتعرض إلى حملات ردح من أجل شيطنتها، لأن جوهر الصراع هو على قلوب الناس وعلى التحكم بالسلطة، ويعتقد كثيرون أن تلك الحملات من الشيطنة تفضُّ الناس من حول قوى المعارضة.
لا قيمة تذكر للحدث الذي من أجله يجري النفخ في الصافرة من أجل إطلاق الحملة، فهو مجرد ذريعة لا أكثر، لكن الظروف الموضوعية التي تفرض نفسها في العموم، وهنا في هذه المرة، وفي تكرار لمرة سابقة، يقال إن ثمة مليشيات للإخوان على خلفية عرض يشبه عروض الكشافة أو العرض العسكري نُظم في مهرجان للاحتفال بالنصر في قطاع غزة، أو من أجل دعم المعركة هناك، وهي المعركة التي حظيت بما يشبه الإجماع في أوساط الجماهير الأردنية بكل ألوانها ومنابتها وأصولها.
لم يختط الإخوان هنا سبيل العنف في يوم من الأيام، وكانت لديهم الكثير من النعومة الفائضة، لدرجة أن عسكريا لم يكن يُسمح له بالانتماء إلى صفوفهم خشية تفسير ذلك بشكل خاطئ، لكن بعضهم يريد من الناس أن يهبِّطوا سقفهم على النحو الذي يريد، وهو يعتقد أن لعبة أنظمة الثورة المضادة قد آتت أكلها؛ ما يستدعي أن يهبِّط إخوان الأردن سقفهم أيضا أكثر من ذي قبل، ويقبلوا باللعبة السياسية من دون أن يرفضوا أو يحتجوا.
يعلم القاصي والداني أن الاستعراض الذي أقيم في الاحتفال المشار إليه لا صلة له أبدا بأي خط مسلح للجماعة، والسلاح ليس لعبة في الأصل، فمن يحمله عليه أن يقاتل وينتصر، ومن يقرر أن يقاتل وفق ظروف صائبة لن يكون من الصعب الحصول على السلاح، لكن إخوان الأردن حازمون وجازمون على هذا الصعيد، وما جرى كان شكلا احتفاليا بالبطولة والصمود في غزة لا أكثر ولا أقل، وبأدوات بلاستكية!!
لكن الذين يجيدون إطلاق الحملات، ومن دأبوا على المشاركة فيها، إن كانوا من المخضرمين، أم من المستجدين لا بد أن يُبدعوا في الردح، والهدف إلى جانب الشيطنة التقليدية، هو التخويف، وبالطبع عبر ترديد حكاية حلِّ الجماعة التي نسمعها منذ ثلاثة عقود ونحن متأكدون أنه لن يحدث، وفي زمن العنف المسلح لن يكون بديل قمع العمل السلمي إلا العمل المسلح، ولا أظن أن عاقلا يريد ذلك من أهل القرار.
من هنا لم يعد التلويح بقرار الحل مجديا، والجماعة تدرك أنه محض تخويف، وهي أصلا لا تأخذ حضورها في المجتمع من المقرات المعلنة، وكم عقد مضى على الجماعة في مصر وهي محظورة؟! الأمر الذي ينطبق على دول شتى، وعموما لا تكتسب التنظيمات حضورها في الوعي الشعبي من القرار الرسمي، بل من انحيازها لهموم الشارع وضميره الجمعي.
حين يبلغ الحال ببعضهم حد تأليف قصة عن اتصالات بين قيادة الإخوان والبغدادي (أمير الدولة الإسلامية) من أجل إسقاط الدولة في مصر، ويطلب الأخير مبايعتهم مقابل ذلك، فتلك حكاية لم تقلها حتى صحافة مصر التي يبدع بعض صحافييها التقارير وهم في حالة اللاوعي.
بقي القول إن ما لا يعلمه بعض أولئك أن بعض تلك الحملات إنما تصبُّ في صالح الإخوان، أكثر بكثير مما تسيء إليهم، وتنطوي على قدر مثير من الأكاذيب التي لا تمر على عقول الأطفال.

(الدستور 2014-08-16)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات