تطرف مغطى «بالسولفان»..!

تم نشره الخميس 11 أيلول / سبتمبر 2014 11:51 مساءً
تطرف مغطى «بالسولفان»..!
حسين الرواشدة

ما تزال تهمة “ التطرف الارهاب” التي ابتدعها الخطاب الغربي مقترنه بالمهاد الديني الاسلامي ، الى درجه يبدو فيها “المسلم” –حتى لو كان معتدلا – مجرد مشروع للتطرف والعنف وهو قابل للانفجار وممارسة الارهاب في اية لحظة ، على اعتبار ان ذلك من صميم هوايته ومهنته ومن بواعث ايمانه وطبيعة فهمه للحياة والآخرة .

ومن أسف ان اختزال الارهاب وما يتبعه من مصطلحات مشابهه بالاسلام فقط ، كاد ان ينسحب على تصورنا لذاتنا – ايضا- ، حيث يبدو ان الكثيرمن الحكومات الاسلامية(دعك من المسلسلات الدرامية التي نشاهدها) اقتنعت “بالبدعة” الغربية ، ولم تر في كل صور الارهاب الذي يمارس الاّ بواعثه وجوانبه الدينيه فقط، فيما كان هنالك أكثر من ارهاب يجري التغطية عليه ، وربما يكون اخطر وابشع من ذلك الذي يمارسه المتدينون المتشددون .

خذ مثلا الارهاب السياسي ، وخذ –ايضا- الارهاب الفكري .. وخذ- ثالثا – الارهاب الاجتماعي ، وبمقدور أحدنا ان يضع تحت كل نوع عشرات الأمثلة و النماذج التي تحتاج الى المكافحة و المواجهة ، والتشريعات الرادعة ، والاجراءات و المقررات الحاسمة ، لكن – من سواء حظنا- ان( الديني) وحده ، يتحمل اعباء هذه الحرب الجديدة ،وأن غيره من متطرفي الفكر ،أو غلاة السياسية ،أو دعاة الفساد الأخلاقي ،أو منظري استئصال الطبقات الوسطى ....لا يدرجون في قائمة الإرهاب ، ولا ينتبه احد الى اخطائهم ، ناهيك من ان يحاسبوا عليها.

مقابل التطرف الديني ثمة تطرف سياسي ...ومن تحت عباءة هذا التطرف خرجت الى بلادنا الاسلامية مناهج التكفير التي ترادفت – باستمرار- مع مناهج الحذف و الاستئصال ، واذا كان ثمة من يريد ان يعالج التشدد و الغلو و التكفير وسواها من مفردات العنف و الارهاب ...فإن مراجعة الحقل السياسي تتقدم على معالجة المجال الديني ...كما ان العناية والرعاية للأرضية الاقتصادية و الاجتماعية وقلع ما فيها من الاحساك والأشواك تتقدم هي الأخرى على كل ما نفكر به من تشريعات واجراءات أمنية ...وتغييرات في التربية و التعليم و الاعلام وغيرها من الحواضن التي تلصق بها مسؤولية المكافحة والمعالجة ..

ان وضع ( الارهاب ) على مسطرة واحدة ، ومحاكمته في أكثر من ارضية ومهاد ، ومحاسبة كبار المحسوبين عليه قبل محاسبة من يقترفه من الصغار تجعلنا نواجه الحقيقة للمرة الأولى ، وتخولنا من الانتصار عليه ،وتضع بين أيدينا أهم الوسائل لاقناع الجميع بسلامة تصورنا للمشكلة ، وقدرتنا على معالجتها وتطويق تداعياتها الخطيرة .

باختصار، ان الذين يجنحون نحو العنف و التطرف أو الذين يمارسون الارهاب ، لا يفعلون ذلك-فقط- بأمر الهى يتصورنه خطأ، و لا بدافع ايماني يخولهم الدخول من خلاله الى الجنة ، ولكنهم كغيرهم من الاشرار يمارسون ما عجزوا عن فعله سياسيا واجتماعيا بالادوات ذاتها التي يمارسها السياسي و المفكر المحسوبين على خط( الارهاب) المقنّع ،أو المغطى بالسولفان ، فالاختلاف –هنا- في الادوات فقط ...أما المضامين فواحدة ....وإن اختلفت التسميات و الاعتبارات .

( الدستور 2014-09-12 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات