الأردن بلد الأكاديميين

يمتاز بلدنا الأردن بغزارة إنتاجه من الأكاديميين لشدة إهتمام أبنائه بالتعليم الأكاديمي، حيث المنطلق للغالبية العظمى من الشباب والبنات أن حياتهم كأعضاء عاملين في المجتمع تبدأ أو لا تبدأ بحصولهم أو عدم حصولهم على الشهادة الجامعية الأولى على الأقل. وفي هذا الأمر فائدة كبيرة وضرر كبير.
أما الضرر فيتلخص بالهدر الكبير للجهد والمال والوقت من قبل الكثيرين للحصول على الشهادة دون الاستفادة منها على نفس القدر.. بمعنى أن كثيراً من فرص العمل المتاحة في مجتمعنا يشغلها حملة البكلوريوس في شتى الاختصاصات دون أن يعملوا في تخصصهم، بل إن ما يقومون به من أعمال لايتطلب أصلا شهادة جامعية... ومن الممكن جداً ملء تلك الوظائف بحملة شهادة التوجيهي أو أقل من ذلك. وبنفس الوقت فإن كثيرا من الأعمال تؤدى من قبل عمالة مستوردة بسبب قلة عدد الأرنيين الذين يقبلون بتلك الأعمال ... بينما يمكن أن تشغل مواقع العمل هذه من أردنيين لو كان نظام التعليم يوجه الشباب الى التعيم المهني أكثر من الأكاديمي ولو كان المجتمع خالياً من عقدة الشهادة الجامعية الأولى كمنطلق لبدء حياة كريمة أو حتى لتحسين قبول الشباب أو البنات للزواج بمستوى لائق.
أما الفائدة الكبيرة فهي تتبلور عملياً في تصدير تلك الكفاءات الأكاديمية الى سوق العمل في دول الخليج على وجه الخصوص ومن ثم قطف ثمار ذلك بما يعود على الاقتصاد المحلي من إضافة لرصيد العملة الصعبة والمساهمة في عجلة السوق بما يحوله هؤلاء لأهلهم وبما يستثمرونه في سوق العقار وغيره.
وفي هذا الصدد يمكن تعظيم الفائدة وتقليل الهدر لو تم الانتباه والتخطيط للإستفادة من هذا الزخم الأكاديمي بحيث تنشأ من مخرجاته أبحاث وأطروحات مشاريع ودراسات توثق وتنظم في قاعدة بيانات بإشراف مؤسسة مستقلة تقوم بتوظيف تلك الدراسات في التنمية والتطوير لإمكانيات البلد وأحواله على كافة المستويات. مثل هذه المؤسسة يمكن أن تمول جزئيا من جهات استثمارية داخلية وخارجية بحيث يمكن لهذه المؤسسة أن تعمل على توجيه الأبحاث ومشاريع التخرج في الاتجاهات اللازمة لخدمة المجتمع والاقتصاد المحلي ومن ثم تمول بعضا من هذه الدراسات ومقترحات المشاريع وتوظفها ضمن منظومة الاستثمار في مختلف المجالات. وبالتالي نكون قد فعلنا دور الجامعات والأكايميين في خدمة المجتمع والاقتصاد.
(الديار الأردنية 2014-09-13)