مدمنون : الفضول أوقعنا بين براثن الادمان
المدينة نيوز - اجمع نزلاء في مركز علاج المدمنين الذي يتبع لادارة مكافحة المخدرات على ان الفضول والرغبة في خوض التجربة الاولى هو البوابة لدخولهم عالم المخدرات المظلم .
وبينوا لوكالة الانباء الاردنية ( بترا ) ان الثقة الزائدة بمن يدعون الصداقة اوقعتهم في براثن الادمان وما لحقهم جراء ذلك من ضياع لاحلامهم الكثيرة في تكوين اسرة , وتبديد لمدخراتهم وفقدانهم لاعمالهم .
واشادوا باسلوب تعامل ادارة المركز العلاجي معهم كابناء واصدقاء في تهيئة هذا المركز لهم ليمكنهم من العودة الى عائلاتهم مواطنين صالحين. احد نزلاء المركز البالغ من العمر 45 عاما قال انه " يتعاطى الكحول منذ 10 سنوات , وهو متزوج ولديه خمسة أبناء ، كانت البداية من باب الفضول , ومن رفاق السوء , يعتذر بشدة من ابنته الكبرى باساءته لها ، معترفا بانه كان انانيا بما يكفي ليدمر مستقبلها عندما رفض احد الشبان ان يتم مراسم الزفاف لعلمه بان والدها (سكّير) " .
وتابع - وهو قيد العلاج في مركز علاج المدمنين - لم اخجل من نفسي ومن افراد اسرتي ، كنت على استعداد لطرق باب الجيران لطلب المال ، ليس لشراء حاجيات مهمة للبيت ، لكن لاستكمال سعر ( المشروب ) .
وقال " هذا وعد ان اعود كما يريدني ابنائي وكما اتمنى ، انسان سوي ، يفخرون بي امام العالم ، كما افخر انا بهم".
واضاف " كما ان شرب الكحول افقدني شخصيتي وقدرتي على توجيه ابنائي ، ابنائي يخجلون مني ، وان لا اخجل على نفسي ، للأسف ! فقدت الفرصة لأن أكون قدوة لأبنائي ، اذ كيف لي أن اقول لأحدهم : هذا سلوك خاطىء؟ وأنا من يقوم بأكبر خطأ في حياته وحياة اسرته "! .
عمران طالب جامعي عمره 25 سنة ، كان يدرس تخصص الهندسة في احدى الدول العربية ومتفوقا في دراسته، قال انه وفي بداية السنة الدراسية الثانية ، كان يقاوم النعاس بجهد كبير لإنجاز مشروعات الدراسة التي تتطلب وقتا طويلا , الى ان اقنعه احد زملائه في السكن وكان طالبا في كلية الطب قائلا له " خذ لك هالحبة ، رح تدعيلي .. لانها رح تعينك على اكمال العمل، مش رح تندم" .
وتابع "بدأت الامور تزداد سوءا ، الحبة تحتاج الى اخرى ، والسيجارة تصبح اثنتين ، وبعد مدة اصبحت الحبة لا تؤدي مفعولها، جربت كل انواع المخدرات ، بدأت الامور بالتدرج حتى وصلت الى اشد مادة ادمان ( الهيروين) تعاطيته ، بدأتُ أتعب ، ووصلت الى مرحلة يأس من كل شيء، فقدت اصدقائي، وصحتي" .
بعد ذلك " بدأت افكر بنفسي ، وعائلتي ، ماذا فعلت بنفسي وبهم ، فطلبت العون من عائلتي التي تواصلت مع مركز علاج المدمنين ، الذي اكد لهم انه لن يتم فتح قيد امني باسمي لضمان مستقبلي في العمل والدراسة ".
واشار الى "ان فترة علاجه استمرت 45 يوما بناء على طلبه لضمان خلو جسمه من السموم ، موجها رسالة الى الشباب في عمره بأن لا يجربوا شيئا لا يعرفونه كي لا يتورطوا في مستنقع الادمان" .
وقال "ان السعادة التي يحصل المدمن عليها جراء المخدرات ( وهمية) ، لن تدوم اكثر من يوم او اثنين، لكن في النهاية سيجد المدمن نفسه في حفرة عميقة وعليه ان يختار: إما أن يقاوم ويخرج منها ، أو أن تزداد عمقا وتجعله في الحضيض" .
شاب اخر في التاسعة عشرة من عمره ، ادمن على مادة الحشيش التي تعرف اليها عن طريق رفاق السوء ،حيث اضاع سنة ( التوجيهي ) بأمور ضارة كما قال , مشيرا الى " انه اصبح منبوذا من عائلته ومن الناس كافة على سلوكه الذي تغير نحو الاسوأ ، اذ انه اصبح لا ينقطع عن تعاطي الحشيش " .
ووجه نصيحة لكل من بدأ في طريق الادمان بان يتوقف فورا ويلتفت الى مستقبله ويزور مركز علاج الادمان ليكسب نفسه بالدرجة الاولى . وقال رئيس مركز علاج المدمنين التابع لإدارة مكافحة المخدرات الرائد فواز المساعيد ان ابواب المركز مفتوحة على مدار الساعة لاستقبال الراغبين في العلاج من الادمان وبشكل مجاني وسري وبغض النظر عن جنسية المدمن مؤكدا ان الشخص الذي يصل الى مركز العلاج من الادمان في منطقة عرجان لا يتم سؤاله عن مصدر المخدرات التي يتعاطاها كما لا يتم تسجيل قيد امني بحقه ، باعتبار انه جاء الى المركز للعلاج برغبته الكاملة ، مشيرا الى ان الرغبة الذاتية في التعافي من المخدرات تعتبر حلقة مهمة في مراحل العلاج .
ولفت الى ان قانون المخدرات والمؤثرات العقلية رقم 11 لعام 1988 أعفى المدمن من العقوبة إذا ما اعترف بنفسه وطلب العلاج , كما نص على ان " لا تقام دعوى الحق العام على من يتعاطى المواد المخدرة والمؤثرات العقلية او يدمن عليها اذا تقدم ، قبل ان يتم ضبطه ، من تلقاء نفسه او بواسطة احد اقربائه الى المراكز المتخصصة للمعالجة التابعة لأي جهة رسمية او الى ادارة مكافحة المخدرات او اي مركز امني طالبا معالجته".
وقال ان المركز يتسع لـ 170 سريرا ، ويتم استقبال الحالات على مدار الساعة ,مستغلين أي فرصة لإقناع المدمن بفكرة العلاج سواء من تلقاء نفسه او من قبل ذويه , مؤكدا ان الهدف هو الوصول الى مجتمع متعاف خال من المخدرات تماشيا مع الاستراتيجية الوطنية للحد من الطلب على المخدرات ، وتخفيف المعاناة على المدمن وذويه .
واوضح انه يتم علاج المدمنين على المخدرات باشكالها المختلفة مثل : الحشيش ، الهيروين ، الحبوب المخدرة بشتى انواعها ، المذيبات الطيارة ، المشروبات الروحية مشيرا الى ان المدمن يخضع للعلاج حال دخوله الى المركز اما بحضوره من تلقاء نفسه ، او من خلال ذويه ، واذا تعذر ذلك ، يقوم فريق متخصص بالذهاب الى مكان وجود الشخص المدمن واحضاره الى مركز العلاج بناء على طلب منه شخصيا او من ذويه .
وقال : عند وصول المدمن الى المركز يتم تشخيصه طبيا ونفسيا واجتماعيا من قبل فريق من المتخصصين وتقديم العون الطبي له ، ثم يتم وضع خطة علاجية , ملائمة للحالة الموجودة .
وبين ان الخطة العلاجية بشكلها العام تتضمن ثلاث مراحل ، الاولى : ازالة السمية ، وتشمل تقديم العلاج الطبي من خلال الطبيب المختص وحسب الحالة المرضية ونوع المادة المخدرة التي يتعاطاها المدمن ، ودرجة الادمان ، حيث يقوم باعطائه علاجات مناسبة تخفف من الاعراض الانسحابية لدى الشخص المدمن ، مؤكدا ان هذه العلاجات ليس لها اية مضاعفات جانبية ، وتعطى لفترة محددة حسب مشورة الطبيب .
واكد انه لا يتم تقديم اية ادوية كيميائية كبديل عن المادة المخدرة التي كان يتعاطاها .
واشار الى المرحلة الثانية من العلاج التي تتلخص بإعادة التأهيل للشخص المدمن على المخدرات بحيث يتضمن ذلك عدة برامج ، دينية ونفسية واجتماعية ورياضية وثقافية متنوعة موضحا ان كل تلك البرامج تتم بوجود متخصصين اكفياء ، اضافة الى وجود برنامج للعلاج بالعمل أو الهواية ، حيث يوجد مشغل للصلصال يتم فيه تدريب المدمنين قيد العلاج على الحرف الصلصالية ما ينمي مواهبهم .
وتعتبر مرحلة الرعاية اللاحقة هي المرحلة الثالثة للعلاج – وفقا للرائد المساعيد - فبعد ان يكمل الفرد علاجه ، يوضع له برنامج مراجعات اسبوعية للمركز يتم متابعته خلالها ، حيث يتم الاتصال مع اسرته بشكل مستمر للتأكد من عدم عودته للمخدرات وفي حال الانتكاسة لا سمح الله ، يكون لدينا اجراء لاعادته الى العلاج ، ونقف على المسببات التي ادت الى ذلك .
ووجه نصيحة لاولياء الامور بان لا يترددوا في احضار ابنائهم اذا – لا سمح الله – ما شكّوا بسلوكهم او وصلوا الى اي من مراحل الادمان على اي نوع من انواع المخدرات .
واشار الى ان مدة العلاج في المركز تتوقف على تشخيص الطبيب للحالة المرضية ، وتكون غالبا ما بين شهر وشهرين وحسب نوع المادة التي ادمن عليها , ودرجة الادمان ، وبالنسبة لمدة المراجعات اللاحقة بعد تعافيه من الادمان قد تمتد بين شهرين و 6 أشهر ,وطمأن الأهالي على سرية العمل داخل المركز العلاجي ، مؤكدا انه لا يتم سؤال المدمن عن طريقة تعاطيه وذلك وفق القانون ، كما لا يؤخذ منه اية معلومات قسرا ، ويتم التعامل معه على انه مريض يحتاج الى علاج .