بدء فعاليات مؤتمر "الطائفية وصناعة الأقلّيات في المشرق العربي الكبير"
المدينة نيوز - بدأت السبت أعمال مؤتمريناقش "المسألة الطائفية وصناعة الأقلّيات في المشرق العربي الكبير" ينظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، بمشاركة عدد من الباحثين المتخصصين والشخصيات العلمية والثقافية العربية .
وقال رئيس مجلس إدارة المركز الدكتور طاهر كنعان ان عقد هذا المؤتمر جاء في وقت تشهد فيه المنطقة صعودا للطائفية على نحو يهدد بتحويل المنطقة إلى دويلات فاشلة.
وأكد أن المركز اختار هذا الموضوع محورا للنسخة الثالثة من مؤتمره العلمي السنوي انطلاقا من رؤيته باسهام المجتمع البحثي العربي في تشخيص الأوضاع في العالم العربي وتحليلها.
واشاركنعان الى النتاج الفكري الذي يوفره المركز للباحثين وصانعي السياسات بما في ذلك إصدار ما يقارب 100 كتاب علمي ، وإصدار ثلاث مجلات علمية محكمة متخصصة كما سيصدر اثنتين أخريين قريبا.
وقال المدير العام للمركز الدكتور عزمي بشارة إن الطائفية السياسية تقويض لبناء الدولة الوطنية والديمقراطية معا، مشيرا الى ان بروز مفهوم الطائفية وتحولاته التاريخية وليد استغلال الاستعمار للمنظومةِ الاجتماعيةِ القائمةِ، وطريقة تأسيسيه لقواعد بناء دولةَ تَرِثُها الدولةُ الوطنيةُ المستقلّةُ بعد ذلك.
وبين أن الطائفيّةَ السياسية تستثمر التَبعيّةِ لدِينٍ أَوْ لمَذهبٍ ديني لتحويلِ أتباعِ هذا الدينِ إلى جماعةٍ تُحافظُ على نفسِها في وجهِ كل ما تراه تهديدا لها، ثمّ تحويلها إلى قوّةٍ سياسيّةٍ لها مطالبُ من الدّولة، هي ظاهرةٌ ترافقت مع نشوء الدّولةِ الحديثة.
واضاف بشارة إنّ الطائفيّةَ السياسيّةَ رَفَعَتْ رأسَها في بلادِنا وازدَهرَتْ معَ فَشلِ مَسارَي الدّولةِ الوطنيّةِ الحديثةِ القائمة على المُواطنة، والديمقراطيّةُ، مؤكدا أن الاستبدادُ الذي استَخدمَ الأيديولوجيةَ السياسيةَ القوميةَ لخِدمةِ سَيطرتِه ونُظُمِه السياسيةِ، وفَرَضَها على العربِ وغيرِ العربِ، أجَّجَ الطائفيةَ، ومَنَعَ تكوُّنَ المواطَنةِ بوصفِها انتماءً للدولة لا يحتاج إلى الطائفةِ أو العشيرةِ أو الولاءِ للسُّلطانِ من أجل تكريسه.
وبين بشارة أن تاريخُ المشرقِ العربي يثبت أنَّ التديّنَ السياسي إذَا وقعَ في مجتمعاتٍ متعدّدةِ الطوائفِ وتُعانِي أصلًا عدمِ استقرارٍ في هُويّتِها الوطنيةِ أو القوميةِ، فإنَّه يَؤُولُ ِ إلى طائفيةٍ سياسيةٍ، ويَستخدِمُ الطائفيّةَ في التحشيدِ خلْفَه.
وقال رئيس المجلس الوطني السوري السابق الدكتور برهان غليون ان شبح الطائفية يخيم على شعور الناس بهويتهم وعلى السياسة والدين ذاته.
ولفت الى ان الحل ليس في قلب المجتمع أو سحب الدين منه وإنما في إعادة بناء الدولة التي تحترم الفرد وتساوي بين مواطنيها بالقانون ويضمن فيها الفرد حقوقه وحمايته، مبينا ان الطائفية ظهرت حين بدا مشروع الدولة الوطنية كمشروع فاشل وحين أصبحت الدولة وسيلة للسلب والظلم والقهر وتجريد المواطن من أي حماية أمام أي موظف مخابرات صغير مثلا.
واضاف ان الناس أصبحوا يبحثون عما يؤمن لهم أمنهم وحمايتهم ومكانتهم وبالتالي فإن ظهور الطائفية له علاقة بالسلطة أكثر من الأفراد وهي تستغلها.موضحا أن الطائفية اصبحت عابرة لحدود الدول الوطنية في العديد من الحالات وان الخطاب الطائفي تتعدد أصواته ومصادره في منطقة المشرق العربي .
وبين المفكر اللبناني أحمد بيضون سياقات وآليات تحول الانتماء إلى جماعة مذهبية أو اجتماعية إلى تعصب طائفي جرى استغلاله سياسيا مشيرا الى ان تجارب الشرق العربي تفيد أن المنظّمات الطائفية أقدرُ من العوائل والعشائر على الاستيعاب الاجتماعي بفضل شبكة الموارد التي يمكنها نسجُها لمن يلجأون إليها وأقدر على التعبئة للقتال.
وقال ان المَيْلَ بالطوائف نحو التحوّل إلى وَحَداتٍ سياسية لدولةٍ من الدول إنما هوحُكْمٌ على هذه الدولة بفَرْطِ عَقْدهاعاجلاً أو آجلاً وبالإقامة في تاريخٍ يشكّله تَعاقُبُ الحروب والهدنات.
واوضح بيضون ان الحل يكمن في أن يقابِل الابتعادَ عن المُحاصّة الطائفية بإنشاءُ مؤسّساتٍ سياسية وحقوقية توفّر ضماناتٍ تقمع التمييز على أساس الطائفة على غرار قمعها التمييز في حقوق الإنسان.
ويناقش المشاركون في المؤتمر الذي يستمر ثلاثة ايام، مواضيع عن الدولة وسياسات الهوية وإعادة إنتاج الطائفية،والجذورالتاريخية وتطييف الصراعات الإقليمية, والمواطنة مقابل الطائفية والمسائل الطائفية والإثنية في العراق ومصر والاقليات في النظام الفقهي الإسلامي بين التعصب وإمكانات الانفتاح .
ويختتم المؤتمر اعماله بتنظيم مائدة تفاعلية بعنوان "العروبة والدولة والوطنية في مواجهة التمزقات الأهلية والسياسات الطائفية وقومنة الهويات" إشكاليات وقضايا، تحديات وآفاق"، يشارك فيها أكاديميون وباحثون .
(بترا)