السياحة والمواطن

تم نشره الخميس 18 أيلول / سبتمبر 2014 03:21 صباحاً
السياحة والمواطن
مأمون علاونة

لو سألنا أي مواطن أردني: "هل الأردن بلد سياحي"، لكان الجواب بالتأكيد "نعم".
لكن ياترى ماهي نسبة الأردنيين الذين يعملون في القطاع السياحي؟ وماهو مردود السياحة على الاقتصاد الوطني؟ وعلى دخل الفرد؟ ؟ لاشك أن الجواب متواضع بالقياس بحجم وزخم عناصر الجذب السياحي في هذا البلد.
حسب الاحصائيات الرسمية فإن عدد العاملين في عموم القطاع السياحي على يزيد عن خمسين ألف مواطن. وان دخل الأردن من السياحة لايزيد على 15 بالمئة من الدخل القومي. ذلك لأن السياحة ما زالت مصطلحاً "أجنبياً" بالنسبة لنا... أي أنه لاينطبق عليها ما يقال عن الزراعة أو التجارة أو حتى الصناعة في الأردن من مفهوم مدى إنشغال واشتغال الناس بها. فلو جاز لنا أن نصنف المواطنين حسب النشاطات الاقتصادية، فلربما كان ما لا يقل عن ربع العدد مزارعون، سواء مَن يفلح الأرض بنفسه أو يعتاش من انتاجها. ولربما كان 15بالمئة يعملون في التجارة، أو يعتاشون منها، و15بالمئة في الصناعة، و40بالمئة موظفون في مؤسسات حكومية، وبالتالي فإن ما يتبقى من نسبة العاملين في قطاع السياحة لا يكاد يصل الى واحد بالمئة. ذلك لأن السياحة عندنا مرتبطة غالباً بزيارة الآثار الرومانية والبيزنطية أوالنبطية، وتنشغل الوزارة وهيئة تنشيط السياحة بإجتذاب الزوار من اوروبا وامريكا، الذين يهمهم تاريخ أجدادهم في هذه المنطقة وأحيانا تجذبهم البترا ...
ومثار التعجب الكبير، والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لا يأتينا زائرون من الدول المجاورة مثل السعودية والكويت وبقية دول الخليج العربي؟، ويبدو ان مؤسساتنا السياحية لم تقدّم الأردن لهؤلاء كبديل عن مقاصدهم السياحية في مصر وسوريا ولبنان.
إن المواطن الخليجي، وبشكل عام العائلة الخليجية المحافظة، يتوجهون الى مصر وسوريا ولبنان بقصد الاستجمام... أي للتمتع بالطقس الصيفي المعتدل والمقاصد الطبيعية الخلابة، هرباً من حر القيظ في بلده. وللأسف فإن المواطن الخليجي يعتقد في الغالب أن الأردن صحراء شبيهة ببلاده، خاصة من يمر منهم برأ عبر الأزرق والزرقاء والمفرق الى سوريا ولبنان، أو عبر معان والعقبة الى مصر... وربما بسبب المسلسلات البدوية!، وإذا صدف أن وقعت نشرة سياحية أردنية بين يدي عائلة خليجية، فإنهم في الغالب يقذفونها جانباً لما فيها من صور ومناظر "بني آدمين" بأجساد "شبه عارية" تسبح أو لا تسبح في "بحيرة لوط".. أو في خليج العقبة !
ولربما يرى المواطن الخليجي في بعض النشرات السياحية الأردنية "قلاعا وأكوام حجارة"، لا تثير اهتمامه. ولشديد الأسف، فإن المواطن الخليجي لا يعرف شيئاً عن جبال عجلون أو جبال الشراة، ولا عن غابات برقش واشتفينا، ولا عن جمال الطبيعة المحيطة بموقع معركة اليرموك أومؤتة.. ولايعلم شيئاً عن كرم ضيافة المواطن الريفي في الأردن وحفاوته بالزائرين، ولاعن الأمن والأمان وحرية الحركة في مدن وربوع الأردن الجميلة ليلاً ونهاراً...
فياترى لو تم ترويج هذه العناصر لسياحة الاستجمام للعائلات الخليجية، وتم دعم المواطنين وتشجيعهم على العمل في النشاطات التي يتطلبها هذا النوع من السياحة، أفلا نجد كثيراً من المواطنين في الريف يتحولون للعمل بنشاطات سياحية بسيطة، على شاكلة تأسيس بيت ريفي في وسط مزرعة مثمرة، تناسب العائلات الخليجية للاستمتاع بالطبيعة والطقس المعتدل؟ّ!. ثم فلتنشط هيئة تنشيط السياحة بنشرات سياحية وبرامج مناسبة للعائلات الخليجية لتتوافد علينا أفواجاً أفواجاً.. فنصبح بلداً سياحياً بمعنى الكلمة.
يوجد في منطقة عجلون أمثلة حية على نجاح مثل هذا النموذج السياحي وفي مناطق أخرى تلمس استعداد المواطنين للاستثمار والعمل في هذا المجال، ينقصهم التوجيه والتنظيم، وفي الريف أعداد هائلة من العاطلين عن العمل من حملة الشهادات الجامعية ومن المتقاعدين مبكراً، يشكلون طاقة هائلة يمكن استثمارها. كذلك يوجد في الريف الأردني الكثيرون من مقاولي البناء والتجار الذين لديهم الاستعداد والامكانيات المادية للاستثمار في منشآت سياحية بسيطة تنتشر بين القرى تنفع للفئة المذكورة من السياح كما تنفع للمتنزهين من داخل الأردن. فلو وضعت الدولة، ممثلة بمؤسسة تشجيع الاستثمار أو وزارة التخطيط أو كائنا مَن كان، خطة بسيطة لتحريك هذه العملية ودعمتها بقروض ميسرة للمواطنين، قرض استثمار سياحي على نمط قرض استصلاح زراعي، فإن السياحة والزراعة مرشحتان لتكملان بعضهما في هذا المجال لإحداث تنمية مستدامة في الريف، تمتد الى نشاطات كثيرة مكملة توظف الكثير من الأيدي العاملة وتاتي بمردود مادي مباشر وملموس على مواطني الريف، فتزدهر بالريف الى مستوى لائق من الخدمات والنشاطات الإقتصادية والتطور الإجتماعي.
إن مصطلح "السياحة الريفية" يجد نمواً كبيراً في مختلف دول العالم، وقد أنشأت الكثير من الدول ومن أهمها بريطانيا وايطاليا وحتى اسرائيل، هيئات لتنشيط سياحة أهل المدن الى الأرياف. وتوجد على شبكة الانترنت الكثير من التقارير والدراسات حول ذلك لمن يراد الاستزادة، وربما المساهمة في السعي لإيجاد مثل هذه السياحة في بلدنا. والله الموفق.
(الديار الأردنية 2014-09-18)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات