حماية مؤسسة مجلس النواب

بغض النظر عن كل ما جرى ويجري، والأثمان التي دفعتها مؤسسة مجلس النواب خلال العشرين عاماً الأخيرة نتيجة الأداء أو إدارة المجلس لصورته أو نتيجة إستخدام بعض الحكومات للمجلس، أو لعبة تبادل المصالح والمنافع، بغض النظر عن كل هذا فإن هذه المؤسسة الدستورية يجب أن تبقى في مستوى من المصداقية والحضور والمكانة لأنها العنوان للمشاركة الشعبية، وهي المختبر العملي لكل الخطوات الديمقراطية، وهي البيت الذي يصنع كل تشريع إصلاحي، وهي المنطلق لأي تغيير إيجابي في بنية العملية السياسية.
قد يمر على الدولة مجلس ضعيف فيتم حله والذهاب لإنتخابات مبكرة لإنتاج مجلس جديد، وقد تكون المشكلة في قانون إنتخابات أو نظام إداري يخص الإنتخابات فيتم التعديل لكن المشكلة إذا كانت صورة المؤسسة البرلمانية ضعيفة، أو مصداقيتها في مستوى متدن، وهذا تصنعه تعاقب التجارب السلبية من عدة مجالس، وتكرار ذات الأخطاء، أو تجذر ضعف الدور والأستقواء على هذه المجالس من الحكومات، فإذا تحقق هذا فإن المشكلة تكون في موقع المؤسسة لدى الناس، وينعكس هذا على القناعة بالعملية الإنتخابية والذهاب إلى صندوق الإقتراع..
وحتى عندما نتحدث عن غاية إصلاحية وهي الحكومات البرلمانية بإعتبارها عنواناً لمشاركة الناس في إدارة شؤون الدولة من خلال ممثليهم وبرامجهم فإن ضعف مؤسسة مجلس النواب سيجعل من الغاية غير متحققة حتى لو تم تنفيذها شكلياً.
قوة الدولة بقوة مؤسساتها، والمؤسسة البرلمانية مثل كل المؤسسات الكبرى من الصعب ترميم صورتها في أذهان الناس بسهولة، فالأمر لا يتحقق بتغيير الأشخاص بل ينعكس الأمر على صورة المؤسسة، ولهذا فإن مكانة المؤسسات وهيبتها وقوتها ضرورة إصلاحية، كما أنها قوة للدولة تجدها في المحطات المفصلية، وهي إحدى عناوين قوة الجبهة الداخلية.
(الرأي 2014-09-21)